معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا قُرِئَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقُرۡءَانُ لَا يَسۡجُدُونَۤ۩} (21)

{ وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون } قال الكلبي ومقاتل : لا يصلون .

أخبرنا أبو عثمان إسماعيل الضبي ، أنبأنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد الجراحي ، حدثنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي ، حدثنا أبو عيسى الترمذي ، حدثنا قتيبة ، حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب بن موسى عن عطاء بن مينا عن أبي هريرة قال : " سجدنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في { اقرأ باسم ربك } و{ إذا السماء انشقت } " .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد ابن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا مسدد ، أنبأنا معمر قال : سمعت أبي قال حدثني بكر ، عن أبي رافع قال : " صليت مع أبي هريرة العتمة فقرأ { إذا السماء انشقت } فسجد فقلت : ما هذا ؟ قال : سجدت بها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه " .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِذَا قُرِئَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقُرۡءَانُ لَا يَسۡجُدُونَۤ۩} (21)

والفاء فى قوله - تعالى - بعد ذلك : { فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ . وَإِذَا قُرِىءَ عَلَيْهِمُ القرآن لاَ يَسْجُدُونَ } . لترتيب ما بعدها من الإِنكار والتعجيب على ما قبلها ، و " ما " للاستفهام ومن أن المستحق للعبادة هو الله - تعالى - وحده . . فأى شئ يمنع هؤلاء الكافرين من الإِيمان ، مع أن كل الدلائل والبراهين تدعوهم إلى الإِيمان .

وأى : مانع منعهم من السجود والخضوع لله - عند ما يقرأ عليهم القرآن الكريم ، الذى أنزلناه عليك لإِخراجهم من الظلمات إلى النور .

فالمقصود من الآيتين الكريمتين تعجيب الناس من حال هؤلاء الكافرين الذين قامت أمامهم جميع الأدلة على صدق اللرسول صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن ربه ، ومع ذلك فهم مصرون على كفرهم وجحودهم وعنادهم

قال الآلوسى : وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه سجد عند قراءة هذه الآية ، فقد أخرج مسلم وأبو داود والترمذى . . عن أبى هريرة قال : سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى { إِذَا السمآء انشقت } وفى { اقرأ باسم رَبِّكَ . . } وهى سنة عند الشافعى ، وواجبة عند أبى حنيفة . .

أما الإِمام مالك فالرواية الراجحة فى مذهبه ، أن هذه الآية ليست من آيات سجود التلاوة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا قُرِئَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقُرۡءَانُ لَا يَسۡجُدُونَۤ۩} (21)

وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ? )وهو يخاطبهم بلغة الفطرة ، ويفتح قلوبهم على موحيات الإيمان ودلائله في الأنفس والآفاق .

ويستجيش في هذه القلوب مشاعر التقوى والخشوع والطاعة والخضوع لبارئ الوجود . . وهو " السجود " . .

إن هذا الكون جميل . وموح . وفيه من اللمحات والومضات واللحظات والسبحات ما يستجيش في القلب البشري أسمى مشاعر الاستجابة والخشوع .

وإن هذا القرآن جميل . وموح . وفيه من اللمسات والموحيات ما يصل القلب البشري بالوجود الجميل ، وببارئ الوجود الجليل . ويسكب فيه حقيقة الكون الكبيرة الموحية بحقيقة خالقه العظيم . . ( فما لهم لا يؤمنون ? وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون ? ) . .

إنه لأمر عجيب حقا . يضرب عنه السياق ليأخذ في بيان حقيقة حال الكفار ، وما ينتظرهم من مآل :

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذَا قُرِئَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقُرۡءَانُ لَا يَسۡجُدُونَۤ۩} (21)

وقوله : وَإذَا قُرِىءَ عَلَيْهمُ القُرآنُ لا يَسْجُدُونَ يقول تعالى ذكره : وإذا قُرىء عليهم كتاب ربهم لا يخضعون ولا يستكينون وقد بيّنا معنى السجود قبلُ بشواهده ، فأغنى ذلك عن إعادته .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَإِذَا قُرِئَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقُرۡءَانُ لَا يَسۡجُدُونَۤ۩} (21)

تفسير الإمام مالك 179 هـ :

القرطبي: قال مالك: إنها ليست من عزائم السجود، لأن المعنى لا يذعنون ولا يطيعون في العمل بواجباته.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وإذا قُرئ عليهم كتاب ربهم لا يخضعون ولا يستكينون...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

عطف على قوله (لا يؤمنون) والمعنى ما الذى يصرفهم عن الإيمان وعن السجود لله والخضوع له والاعتراف بوحدانيته إذا تلي عليهم القرآن الذى أنزلته على محمد (صلى الله عليه وآله) الذى يلين القلب للعمل من الوعظ والوعد والوعيد يميز به بين الحق والباطل، وهو مع ذلك متعذر عليهم الإتيان بمثله، فهو معجز له (صلى الله عليه وآله)...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

إنهم أرباب الفصاحة والبلاغة فعند سماعهم القرآن لا بد وأن يعلموا كونه معجزا، وإذا علموا صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ووجوب طاعته في الأوامر والنواهي، فلا جرم استبعد الله منهم عند سماع القرآن ترك السجود والطاعة.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وهو يخاطبهم بلغة الفطرة، ويفتح قلوبهم على موحيات الإيمان ودلائله في الأنفس والآفاق. ويستجيش في هذه القلوب مشاعر التقوى والخشوع والطاعة والخضوع لبارئ الوجود.. وهو "السجود "...

(فما لهم لا يؤمنون؟ وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون؟).. إنه لأمر عجيب حقا. يضرب عنه السياق ليأخذ في بيان حقيقة حال الكفار، وما ينتظرهم من مآل...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

وقراءة القرآن عليهم قراءته قراءةَ تبليغ ودعوة. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عليهم القرآن جماعات وأفراداً وقد قال له عبد الله بن أبيّ بن سلول: « لا تَغْشَنا به في مجالسنا» وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم القرآن على الوليد بن المغيرة كما ذكرناه في سورة عبس. والسجود مستعمل بمعنى الخضوع والخشوع كقوله تعالى: {والنجم والشجر يسجدان} [الرحمن: 6] وقوله: {يتفيؤا ظلاله عن اليمين والشمائل سجداً للَّه} [النحل: 48]، أي إذا قرئ عليهم القرآن لا يخضعون لله ولمعاني القرآن وحجته، ولا يؤمنون بحقيته ودليل هذا المعنى مقابلته بقوله: {بل الذين كفروا يكذبون} [الانشقاق: 22]. وليس في هذه الآية ما يقتضي أنَّ عند هذه الآية سجدةً من سجود القرآن والأصحّ من قول مالك وأصحابه أنها ليست من سجود القرآن...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

(وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون). القرآن كالشمس يحمل دليل صدقه بنفسه، وتتلألأ أنوار الإعجاز من بين جنباته، ويشهد محتواه على أنّه من الوحي الإلهي وكل منصف يدرك جيداً لدى قراءته له أنّه فوق نتاجات عقول البشر ولا يمكن أن يصدر من إنسان مهما كان عالماً، فكيف بإنسان لم يتلق تعليماً قط وقد نشأ في بيئة جاهلية موبوءة بالخرافات!... ويراد ب «السجود» هنا: الخضوع والتسليم والطاعة، أمّا السجود المتبادر إلى الذهن بوضع الجبين على الأرض، فهو أحد مصاديق مفهوم السجود، ولعل هذا هو ما ورد في الرّوايات من سجود النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عند قراءته لهذه الآية.