مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَإِذَا قُرِئَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡقُرۡءَانُ لَا يَسۡجُدُونَۤ۩} (21)

قوله تعالى : { وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون } ففيه مسائل :

المسألة الأولى : أنهم أرباب الفصاحة والبلاغة فعند سماعهم القرآن لا بد وأن يعلموا كونه معجزا ، وإذا علموا صحة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ووجوب طاعته في الأوامر والنواهي ، فلا جرم استبعد الله منهم عند سماع القرآن ترك السجود والطاعة .

المسألة الثانية : قال ابن عباس والحسن وعطاء والكلبي ومقاتل : المراد من السجود الصلاة وقال أبو مسلم : الخضوع والاستكانة ، وقال آخرون : بل المراد نفس السجود عند آيات مخصوصة ، وهذه الآية منها .

المسألة الثالثة : روي أنه عليه السلام : «قرأ ذات يوم : { واسجد واقترب } فسجد هو ومن معه من المؤمنين ، وقريش تصفق فوق رؤوسهم وتصفر » فنزلت هذه الآية واحتج أبو حنيفة على وجوب السجدة بهذا من وجهين ( الأول ) : أن فعله صلى الله عليه وسلم يقتضي الوجوب لقوله تعالى : { واتبعوه } ( والثاني ) : أن الله تعالى ذم من يسمعه فلا يسجد ، وحصول الذم عند الترك يدل على الوجوب .

المسألة الرابعة : مذهب ابن عباس أنه ليس في المفصل سجدة ، وعن أبي هريرة أنه سجد ههنا ، وقال : والله ما سجدت فيها إلا بعد أن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها ، وعن أنس صليت خلف أبي بكر وعمر وعثمان ، فسجدوا وعن الحسن هي غير واجبة .