معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنۡ هُوَ إِلَّا رَجُلُۢ بِهِۦ جِنَّةٞ فَتَرَبَّصُواْ بِهِۦ حَتَّىٰ حِينٖ} (25)

قوله تعالى : { إن هو إلا رجل به جنة } أي : جنون ، { فتربصوا به حتى حين } أي : إلى أن يموت فتستريحوا منه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِنۡ هُوَ إِلَّا رَجُلُۢ بِهِۦ جِنَّةٞ فَتَرَبَّصُواْ بِهِۦ حَتَّىٰ حِينٖ} (25)

ثم هم لا يكتفون بهذا الجمود والتحجر ، بل يصفون نبيهم بما هو برىء منه فيقولون : { إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ فَتَرَبَّصُواْ بِهِ حتى حِينٍ } .

والجِنَّة : الجنون ، يقال جُنًّ : فلان إذا أصيب بالجنون ، أو إذا مسه الجن فصار فى حالة خبل وجنون .

والتربص : الانتظار والترقب ، أى : ما نوح - عليه السلام - الذى يدعى النبوة ، إلا رجل به حالة من الجنون والخبل ، فانتظروا عليه إلى وقت شفائه من هذا الجنون أو إلى وقت موته ، وعندئذ تستريحون منه ، ومن دعوته التى ما سمعنا بها فى آبائنا الأولين .

فأنت ترى أن القوم قد واجهوا نبيهم نوحاً - عليه السلام - بأقبح مواجهة حيث وصفوه بأنه يريد من وراء دعوته لهم السيادة عليهم ، وأنه ليس نبيًّا لأن الأنبياء لا يكونون من البشر - فى زعمهم - وأنه قد خالف ما ألفوه عن آبائهم ، ومن خالف ما كان عليه آباءهم لا يجوز الاستماع إليه ، وأنه مصاب بالجنون وأنه عما قريب سيأخذه الموت ، أو يشفى مما هو فيه .

وهكذا الجهل والغرور والجحود . . . عندما يستولى على الناس ، يحول فى نظرهم الإصلاح إلى إفساد ، والإخلاص إلى حب للرياسة ، والشىء المعقول المقبول . إلى أن شىء غير معقول وغير مقبول ، وكمال العقل وردحانه ، إلى جنونه ونقصانه .

وصدق الله إذ يقول : { سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِي الذين يَتَكَبَّرُونَ فِي الأرض بِغَيْرِ الحق وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرشد لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الغي يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً . . . }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنۡ هُوَ إِلَّا رَجُلُۢ بِهِۦ جِنَّةٞ فَتَرَبَّصُواْ بِهِۦ حَتَّىٰ حِينٖ} (25)

23

ويا ليتهم يدركون أنهم جامدون متحجرون ، إنما هم يتهمون دعاة التحرر والانطلاق بالجنون . وهم يدعونهم إلى التدبر والتفكر ، والتخلية بين قلوبهم ودلائل الإيمان الناطقة في الوجود . فإذا هم يتلقون هذه الدعوة بالتبجح والاتهام :

( إن هو إلا رجل به جنة ، فتربصوا به حتى حين ) . .

أي إلى أن يأخذه الموت ، ويريحكم منه ، ومن دعوته ، ومن إلحاحه عليكم بالقول الجديد !