غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{إِنۡ هُوَ إِلَّا رَجُلُۢ بِهِۦ جِنَّةٞ فَتَرَبَّصُواْ بِهِۦ حَتَّىٰ حِينٖ} (25)

1

الشبهة الخامسة وهي نسبتهم إياه إلى الجنون مع علمهم ظاهراً بأنه أرجح الناس عقلاً ورزانة . قال جار الله : الجنة الجنون أو الجن أي به جن يخبلونه ، وهذا بناء على زعم العوام أن المجنون ضر به الجن . ثم رتبوا على هذه الشبهة قولهم { فتربصوا به حتى حين } أي اصبروا عليه إلى أن ينكشف جنونه ويفيق أو إلى أن يموت أو يقتل . وهذه الشبهة من باب الترويج على العوام فإنه عليه السلام كان يفعل أفعالاً على خلاف عاداتهم . وكان رؤساؤهم يقولون للعوام : إنه مجنون لينفروهم عنه وليلبسوا عليهم أمره . ويحتمل أن يكون هذا كلاماً مستأنفاً وهو أن يقولوا لقومهم اصبروا فإنه إن كان نبياً حقاً فالله ينصره ويقوّي أمره فنحن حينئذ نتبعه ، وإن كان كاذباً فالله يخذله ويبطل أمره فحينئذ نستريح منه . واعلم أنه سبحانه لم يذكر جواب شبهاتهم لركاكتها ولأنه قد علم في هذا الكتاب الكريم أجوبتها غير مرة { ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً } [ الأنعام : 9 ] { قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً } [ الإسراء : 95 ] { أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم } [ هود : 28 ] { أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون } [ البقرة : 170 ] وإذا بطل طريقة التقليد صار حديث التربص ضائعاً يجب قبول قول من يدعي النبوّة بعد ظهور المعجزة من غير توقف .

/خ30