معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَلِلَّهِ ٱلۡحَمۡدُ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَرَبِّ ٱلۡأَرۡضِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (36)

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَلِلَّهِ ٱلۡحَمۡدُ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَرَبِّ ٱلۡأَرۡضِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (36)

ثم ختم - سبحانه - السورة الكريمة بقوله : { فَلِلَّهِ الحمد } أي : فلله - تعالى - وحده الحمد والثناء { رَبِّ السماوت وَرَبِّ الأرض رَبِّ العالمين } لا رب سواه ولا خالق غيره .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَلِلَّهِ ٱلۡحَمۡدُ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَرَبِّ ٱلۡأَرۡضِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (36)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ فَلِلّهِ الْحَمْدُ رَبّ السّمَاوَتِ وَرَبّ الأرْضِ رَبّ الْعَالَمِينَ * وَلَهُ الْكِبْرِيَآءُ فِي السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعِزِيزُ الْحَكِيمُ } .

يقول تعالى ذكره : فَلِلّهِ الحَمْدُ على نِعمه وأياديه عند خلقه ، فإياه فاحمدوا أيها الناس ، فإن كلّ ما بكم من نعمة فمنه دون ما تعبدون من دونه من آلهة ووثن ، ودون ما تتخذونه من دونه رباً ، وتشركون به معه ، رَبّ السّمَوَاتِ وَرَبّ الأرْضِ ، يقول : مالك السموات السبع ، ومالك الأرضين السبع و رَبّ العالَمِينَ يقول : مالك جميع ما فيهنّ من أصناف الخلق .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَلِلَّهِ ٱلۡحَمۡدُ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَرَبِّ ٱلۡأَرۡضِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (36)

الفاء لتفريع التحميد والثناء على الله تفريعاً على ما احتوت عليه السورة من ألطاف الله فيما خلق وأرشد وسخر وأقام من نُظم العدالة ، والإنعام على المسلمين في الدنيا والآخرة ، ومن وعيد للمعرضين واحتجاج عليهم ، فلما كان ذلك كله من الله كان دالاً على اتّصافه بصفات العظمة والجلال وعلى إفضاله على الناس بدين الإسلام كان حقيقاً بإنشاء قصر الحمد عليه فيجوز أن يكون هذا الكلام مراداً منه ظاهر الإخبار ، ويجوز أن يكون مع ذلك مستعملاً في معناه الكنائي وهو أمر الناس بأن يقصروا الحمد عليه . ويجوز أن يكون إنشاء حمدٍ لله تعالى وثناء عليه . وكل ما سبقه من آيات هذه السورة مقتض للوجوه الثلاثة ، ونظيره قوله تعالى : { فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله ربّ العالمين } في سورة الأنعام ( 45 ) .

وتقديم ( لله ) لإفادة الاختصاص ، أي الحمد مختص به الله تعالى يعني الحمد الحق الكامل مختص به تعالى كما تقدم في سورة الفاتحة .

وإجراء وصف { رب السموات } على اسمه تعالى إيماء إلى علّة قصر الحمد على الله إخباراً وإنشاءً تأكيداً لما اقتضته الفاء في قوله : { فللَّه الحمد } . وعُطف { وربّ الأرض } بتكرير لفظ { رب } للتنويه بشأن الربوبية لأن رب السماوات والأرض يحق حمده على أهل السماء والأرض ، فأما أهل السماء فقد حمدوه كما أخبر الله عنهم بقوله : { والملائكةُ يسبحون بحمد ربّهم } [ الشورى : 5 ] . وأما أهل الأرض فمن حمده منهم فقد أدى حق الربوبية ومن حمد غيره وأعرض عنه فقد سجل على نفسه سِمة الإباق ، وكان بمأوَى النار محَلّ استحقاق .

ثم أتبع بوصف { رب العالمين } وهم سكان السماوات والأرض تأكيداً لكونهم محقوقين بأن يحمدوه لأنه خالق العوالم التي هم منتفون بها وخالق ذواتهم فيها كذلك .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{فَلِلَّهِ ٱلۡحَمۡدُ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَرَبِّ ٱلۡأَرۡضِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (36)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{فلله الحمد}: الشكر لله.

{رب السماوات ورب الأرض رب العالمين} يعني القيامة...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره:"فَلِلّهِ الحَمْدُ" على نِعمه وأياديه عند خلقه، فإياه فاحمدوا أيها الناس، فإن كلّ ما بكم من نعمة فمنه دون ما تعبدون من دونه من آلهة ووثن، ودون ما تتخذونه من دونه رباً، وتشركون به معه.

"رَبّ السّمَوَاتِ وَرَبّ الأرْضِ": مالك السموات السبع، ومالك الأرضين السبع.

و "رَبّ العالَمِينَ": مالك جميع ما فيهنّ من أصناف الخلق...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

إن جميع ما ذُكر في القرآن من الحمد له فإنما ذُكر لأحد شيئين:

أحدهما: لما يستحق من الثناء بتعاليه على جميع معاني الخَلق وأوصافهم.

وأصل آخر: أنه إذا أضيفت كلّية الأشياء إلى الله تعالى ففيه وصف له بالعظمة والجلال، وإذا أُضيفت جُزئية الأشياء وخاصّيتها، فإنما فيه تعظيم تلك الخاصية المضافة إليه.

{فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض} إضافة كلّية الأشياء إليه والخاصية والجُزئية: فيه الأمران جميعا؛ فإن قوله عز وجل: {فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض} إضافة جزئية الأشياء إليه وخاصّيتها، وقوله: {رب العالمين} إضافة كلّية الأشياء إليه، والله أعلم.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

لله الحمدُ على ما يُبْدي ويُنْشي، ويحيي ويُفْني، ويُجْرِي ويُمْضِي.. إذ الحكْمُ لله، والكبرياءُ لله، والعظمةُ والسَّناءُ لله، والرفعة والبهاءُ لله...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

تحميد لله تعالى وتحقيق لألوهيته، وفي ذلك كسر لأمر الأصنام والأنصاب...

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

لما تم الكلام في هذه المباحث الشريفة الروحانية ختم السورة بتحميد الله تعالى، فقال: {فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين} أي فاحمدوا الله الذي هو خالق السموات والأرض، بل خالق كل العالمين من الأجسام والأرواح والذوات والصفات، فإن هذه الربوبية توجب الحمد والثناء على كل أحد من المخلوقين والمربوبين.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما أثبت سبحانه بعده بإثبات الآيات المرئية والمسموعة وإعزاز أوليائه وإذلال أعدائه من غير مبالاة بشيء ولا عجز عن شيء مع الإحاطة التامة بكل شيء قدرة وعلماً، تسبب عن ذلك حتماً قوله تعالى: {فللّه} أي الذي له الأمر كله.

{الحمد} أي الإحاطة بجميع صفات الكمال.

ولما أبان سبحانه أن ذلك ثابت له لذاته لا لشيء آخر، أثبت أنه له بالإحسان والتدبير فقال تعالى: {رب السماوات} أي ذات العلو والاتساع والبركات.

ولما كان السياق لإثبات الاختصاص بالكمال، وكانوا قد جعلوا له سبحانه ما دل على- أنهم لا شبهة لهم في عبادتهم بحصر أمرهم في الهوى، أعاد ذكر الرب تأكيداً وإعلاماً أن له في كل واحد من الخافقين أسراراً غير ما له في الآخر، فالتربية متفاوتة بحسب ذلك، وأثبت العاطف إعلاماً بأن كمال قدرته في ربوبيته للأعلى والأسفل على حد سواء دفعاً لتوهم أن حكمه في الأعلى أمكن لتوهم الاحتياج إلى مسافة فقال تعالى: {ورب الأرض} أي ذات القبول للواردات.

ولما خص الخافقين تنبيهاً على الاعتبار بما فيهما من الآيات لظهورها، عم تنبيهاً على أن له وراء ذلك من الخلائق ما لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى فقال مسقطاً العاطف لعدم الاحتياج إليه بعد إثبات استواء الكونين الأعلى والأسفل في حكمه من حيث العلم والقدرة للتنزه عن المسافة، وذلك لا يخرج عنه شيء من الخلق؛ لأنه إما أن يكون علوياً أو سفلياً.

{رب العالمين} فجمع ما مفرده يدل على جميع الحوادث؛ لأن العالم ما سوى الله تنبيهاً على أصنافه وتصريحاً بها وإعلاماً بأنه أريد به مدلوله المطابقي لا البعض بدلالة التضمن، وأعاد ذكر الرب تنبيهاً على أن حفظه للخلق وتربيته لهم ذو ألوان بحسب شؤون الخلق، فحفظه لهذا الجزء على وجه يغاير حفظه لجزء آخر، وحفظه للكل من حيث هو كل على وجه يغاير حفظه- لكل جزء على حدته، مع أن الكل بالنسبة إلى تمام القدرة على حد سواء.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

هنا ينطلق صوت التحميد لله والتمجيد الانطلاقة الأخيرة في السورة بعد هذا المشهد المؤثر العميق: (فلله الحمد. رب السماوات. ورب الأرض. رب العالمين. وله الكبرياء في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم).. ينطلق صوت التحميد. يعلن وحدة الربوبية في هذا الوجود. سمائه وأرضه. وإنسه وجنه. وطيره ووحشه. وسائر ما فيه ومن فيه. فكلهم في رعاية رب واحد يدبرهم ويرعاهم وله الحمد على الرعاية والتدبير.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

الفاء لتفريع التحميد والثناء على الله تفريعاً على ما احتوت عليه السورة من ألطاف الله فيما خلق وأرشد وسخر وأقام من نُظم العدالة، والإنعام على المسلمين في الدنيا والآخرة، ومن وعيد للمعرضين واحتجاج عليهم، فلما كان ذلك كله من الله كان دالاً على اتّصافه بصفات العظمة والجلال وعلى إفضاله على الناس بدين الإسلام كان حقيقاً بإنشاء قصر الحمد عليه فيجوز أن يكون هذا الكلام مراداً منه ظاهر الإخبار، ويجوز أن يكون مع ذلك مستعملاً في معناه الكنائي وهو أمر الناس بأن يقصروا الحمد عليه. ويجوز أن يكون إنشاء حمدٍ لله تعالى وثناء عليه...

وتقديم (لله) لإفادة الاختصاص، أي الحمد مختص به الله تعالى يعني الحمد الحق الكامل مختص به تعالى...

وإجراء وصف {رب السموات} على اسمه تعالى إيماء إلى علّة قصر الحمد على الله إخباراً وإنشاءً تأكيداً لما اقتضته الفاء في قوله: {فللَّه الحمد}.

وعُطف {وربّ الأرض} بتكرير لفظ {رب} للتنويه بشأن الربوبية لأن رب السماوات والأرض يحق حمده على أهل السماء والأرض، فأما أهل السماء فقد حمدوه كما أخبر الله عنهم بقوله: {والملائكةُ يسبحون بحمد ربّهم} [الشورى: 5]، وأما أهل الأرض فمن حمده منهم فقد أدى حق الربوبية ومن حمد غيره وأعرض عنه فقد سجل على نفسه سِمة الإباق، وكان بمأوَى النار محَلّ استحقاق.

ثم أتبع بوصف {رب العالمين} وهم سكان السماوات والأرض تأكيداً لكونهم محقوقين بأن يحمدوه؛ لأنه خالق العوالم التي هم منتفون بها وخالق ذواتهم فيها كذلك...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

«الرّب» بمعنى المالك والمدبر، والحاكم والمصلح، وبناء على هذا فكلّ خير وبركة تأتي منه سبحانه، ولذلك ترجع إليه كلّ المحامد والثناء.

الطريف أنّه يقول مرّة: ربّ السماوات، وأُخرى: ربّ الأرض، وثالثة: ربّ عالم الوجود والعالمين، ليفند الاعتقاد بالآلهة المتعددة التي جعلوها للموجودات المختلفة، ويدعو الجميع إلى توحيد الله سبحانه والاعتقاد بأحديته...