ولما أثبت سبحانه بعده بإثبات الآيات المرئية والمسموعة وإعزاز أوليائه وإذلال أعدائه من غير مبالاة بشيء ولا عجز عن شيء مع الإحاطة التامة بكل{[58410]} شيء قدرة وعلماً ، تسبب عن ذلك حتماً قوله تعالى : { فللّه } أي الذي له الأمر كله { الحمد } أي الإحاطة بجميع صفات{[58411]} الكمال . ولما أبان سبحانه{[58412]} أن ذلك ثابت له لذاته لا لشيء آخر ، أثبت أنه له بالإحسان والتدبير فقال تعالى : { رب السماوات } أي ذات العلو والاتساع والبركات . ولما كان السياق لإثبات الاختصاص بالكمال ، وكانوا قد جعلوا له سبحانه ما دل على-{[58413]} أنهم لا شبهة لهم في عبادتهم بحصر{[58414]} أمرهم في الهوى ، أعاد ذكر الرب تأكيداً وإعلاماً أن له في كل واحد من الخافقين أسراراً غير ما له في الآخر{[58415]} ، فالتربية متفاوتة بحسب ذلك ، وأثبت العاطف إعلاماً بأن كمال قدرته في ربوبيته {[58416]}للأعلى والأسفل{[58417]} على حد سواء دفعاً لتوهم أن حكمه في الأعلى أمكن لتوهم الاحتياج إلى مسافة فقال تعالى{[58418]} : { ورب الأرض } أي ذات القبول للواردات .
ولما خص الخافقين تنبيهاً على الاعتبار بما فيهما من الآيات لظهورها ، عم تنبيهاً على {[58419]}أن له{[58420]} وراء ذلك من الخلائق ما لا يعلمه إلا الله {[58421]}سبحانه وتعالى{[58422]} فقال مسقطاً العاطف لعدم الاحتياج إليه بعد إثبات استواء الكونين الأعلى والأسفل في حكمه من حيث العلم والقدرة للتنزه عن المسافة ، وذلك لا يخرج عنه شيء من الخلق ؛ لأنه إما أن يكون علوياً أو سفلياً { رب العالمين * } فجمع ما مفرده يدل على جميع الحوادث ؛ لأن العالم ما سوى الله . تنبيهاً على أصنافه وتصريحاً بها وإعلاماً بأنه أريد به مدلوله المطابقي لا البعض بدلالة التضمن ، وأعاد ذكر الرب تنبيهاً على أن حفظه للخلق وتربيته لهم ذو ألوان بحسب شؤون{[58423]} الخلق ، فحفظه لهذا الجزء على وجه يغاير حفظه لجزء آخر ، وحفظه للكل من حيث هو كل على وجه يغاير حفظه-{[58424]} لكل جزء على حدته ، مع أن الكل بالنسبة إلى تمام القدرة على حد سواء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.