أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ نَتۡلُوهُ عَلَيۡكَ مِنَ ٱلۡأٓيَٰتِ وَٱلذِّكۡرِ ٱلۡحَكِيمِ} (58)

{ ذلك } إشارة إلى ما سبق من نبأ عيسى وغيره ، وهو مبتدأ خبره . { نتلوه عليك } وقوله : { من الآيات } حال من الهاء ويجوز أن يكون الخبر ونتلوه حالا على أن العامل معنى الإشارة وأن يكونا خبرين وأن ينتصب بمضمر يفسره نتلوه . { والذكر الحكيم } المشتمل على الحكم ، أو المحكم الممنوع عن تطرق الخلل إليه يريد به القرآن . وقيل اللوح .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ نَتۡلُوهُ عَلَيۡكَ مِنَ ٱلۡأٓيَٰتِ وَٱلذِّكۡرِ ٱلۡحَكِيمِ} (58)

{ ذلك } رفع بالابتداء والإشارة به إلى ما تقدم من الأنباء ، و { نتلوه عليك } خبر ابتداء وقوله { من الآيات } لبيان الجنس ، ويجوز أن تكون للتبعيض ، ويصح أن يكون { نتلوه عليك } حالاً ويكون الخبر في قوله من { الآيات } وعلى قول الكوفيين يكون قوله { نتلوه } صلة لذلك ، على حد قولهم في بيت ابن مفرغ الحميري{[3208]} :

وهذا تحملين طليق *** . . . . . . . . . . . . . . . .

ويكون الخبر في قوله : { من الآيات } ، وقول البصريين في البيت أن تحملين حال التقدير ، وهذا محمولاً ، و{ نتلوه } معناه نسرده ، و{ من الآيات } ظاهره آيات القرآن ، ويحتمل أن يريد بقوله { من الآيات } من المعجزات والمستغربات أن تأتيهم بهذه الغيوب من قبلنا ، وبسبب تلاوتنا وأنت أمي لا تقرأ ، ولست ممن صحب أهل الكتاب ، فالمعنى أنها آيات لنبوتك ، وهذا الاحتمال إنما يتمكن مع كون { نتلوه } حالاً ، و{ الذكر } ما ينزل من عند الله ، و{ الحكيم } يجوز أن يتأول بمعنى المحكم ، فهو فعيل بمعنى مفعول ، ويصح أن يتأول بمعنى مصرح بالحكمة ، فيكون بناء اسم الفاعل ، قال ابن عباس ، { الذكر } القرآن ، و{ الحكيم } الذي قد كمل في حكمته .


[3208]:- شاعر عاش في العصر الأموي، اسمه يزيد بن ربيعة بن مفرغ، (الشعر والشعراء: 276، والأغاني 17/51، والخزانة 2/210، 514، وأمالي الزجاجي: 229) والبيت بتمامه: عدس، ما لعباد عليك إمارة نجوت، وهذا تحملين طليق يخاطب بغلته: وعدس: كلمة لزجر البغل.