نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَعَادٞ وَثَمُودُ} (42)

ولما كان في ترغيب هذه الآيات وترهيبها ما يعطف العاقل ، ويقصف الجاهل ، طوي حكم العاقل لفهمه ما سبق ، وهو : فإن يؤمنوا بك مكناهم في الأرض ، ودل عليه بعطف حكم الجاهل على غير مذكور في سياق يسلي به نبيه صلى الله عليه وسلم ويعزيه ، ويؤنسه ويواسيه ، فقال { وإن يكذبوك } أي أخذتهم وإن كانوا أمكن الناس ، فقد فعلت بمن قبلهم ذلك ، فلا يحزنك أمرهم { فقد كذبت } وأتى سبحانه بتاء التأنيث تحقيراً للمكذبين في قدرته وإن كانوا أشد الناس .

ولما كانت هذه الأمم لعظمهم وتمادي أزمانهم كأنهم قد استغرقوا الزمان كله ، لم يأت بالجار فقال : { قبلهم قوم نوح } وكانوا أطول الناس أعماراً ، وأشدهم اقتداراً ؛ ولما لم يتعلق في هذا السياق غرض بالمخالفة في ترتيبهم ، ساقهم على حسب ترتبيهم في الوجود فقال : { وعاد } أي ذوو الأبدان الشداد { وثمود* } أولو الأبنية الطوال ، في السهول والجبال