مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كَذَّبَتۡ قَبۡلَهُمۡ قَوۡمُ نُوحٖ وَعَادٞ وَثَمُودُ} (42)

قوله تعالى : { وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } .

اعلم أنه تعالى لما بين فيما تقدم إخراج الكفار المؤمنين من ديارهم بغير حق ، وأذن في مقاتلتهم وضمن للرسول والمؤمنين النصرة وبين أن لله عاقبة الأمور ، أردفه بما يجري مجرى التسلية للرسول صلى الله عليه وسلم في الصبر على ما هم عليه من أذيته وأذية المؤمنين بالتكذيب وغيره ، فقال : وإن يكذبوك فقد كذبت قبلهم سائر الأمم أنبياءهم ، وذكر الله سبعة منهم . فإن قيل : ولم قال : { وكذب موسى } ولم يقل قوم موسى ؟ فالجواب من وجهين : الأول : أن موسى عليه السلام ما كذبه قومه بنو إسرائيل وإنما كذبه غير قومه وهم القبط . الثاني : كأنه قيل بعد ما ذكر تكذيب كل قوم رسوله ، وكذب موسى أيضا مع وضوح آياته وعظم معجزاته فما ظنك بغيره .