الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَدۡ قَالَهَا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (50)

قوله : { قَدْ قَالَهَا } : أي : قال القولةَ المَذْكورةَ . وقُرِئَ " قد قاله " أي : هذا القولَ أو الكلامَ . وإنما عُطِفَتْ هذه الجملةُ ، وهي قوله : { فَإِذَا مَسَّ الإِنسَانَ } بالفاء والتي في أول السورة بالواو ؛ لأن هذه مُسَبَّبَةٌ عن قوله : " وإذا ذُكِر " أي : يَشْمَئِزُّون مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ويَسْتَبْشِرون بذِكْرِ آلهتِهم ، فإذا مَسَّ أحدَهم بخلاف الأولى حيث لا تَسَبُّبَ فيها ، فجيء بالواوِ التي لمطلقِ العطفِ ، وعلى هذا فما [ بين ] السببِ والمُسَبَّبِ جملٌ اعتراضيةٌ ، قال معناه الزمخشريُّ . واستبعده الشيخُ من حيث إنَّ أبا عليٍّ يمنع الاعتراضَ بجملتينِ فكيف بهذه الجملِ الكثيرةِ ؟ ثم قال : " والذي يَظْهر في الرَّبْطِ أنه لَمَّا قال : { وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُواْ } [ الزمر : 47 ] الآية كان ذلك إشعاراً بما يَنالُ الظالمين . مِنْ شِدَّةِ العذاب ، وأنه يَظْهر لهم يومَ القيامة من العذاب ، أَتْبع ذلك بما يَدُلُّ على ظُلمِه وبَغْيه ، إذ كان إذا مَسَّه ضُرٌّ دعا اللَّهَ ، فإذا أَحْسَن إليه لم يَنْسُبْ ذلك إليه " .

قوله : " فما أَغْنى " يجوزُ أَنْ تكونَ " ما " نافيةً أو استفهاميةً مؤولةً بالنفيِ ، وإذا احْتَجْنا إلى تأويلها بالنفيِ فَلْنَجْعَلْها نافيةً استراحةً من المجاز .