تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{قَدۡ قَالَهَا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ فَمَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (50)

49

50- { قد قالها الذين من قبلهم فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون } .

أي : هذا طبع في الإنسان ، السابق فيه مثل اللاحق ، فالذين سبقوا ادعوا أنهم أهل للفضل والمال والغنى ، فهذا قارون قد قال : { إنما أوتيته على علم عندي . . . } ( القصص : 78 ) .

وهذا فرعون قد تألّه وتجبر وقال : { أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي . . . }( الزخرف : 51 ) .

وقال أيضا متطاولا على مقام النبوة : { أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين } . ( الزخرف : 52 ) .

كما قال النمرود : { أنا أحيى وأميت . . . } ( البقرة : 258 ) .

وصدق الله العظيم : { كلا إن الإنسان ليطغى * أن رؤاه استغنى } . ( العلق : 6 ، 7 ) .

{ فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون } .

أي : إن الكفار السابقين ، حيث عتوا عن أمر ربهم ، وتطاولوا على مقام النبوة ، { وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين } . ( سبأ : 35 ) . لم ينفعهم هذا القول شيئا حين نزل العذاب بساحتهم ، فقد غرق قوم نوح بالطوفان ، وأهلكت ثمود بالصيحة المهلكة ، وأهلكت عاد بريح صرصر عاتية ، وأغرق فرعون وهامان ، ولم ينفعهم الملك ولا المال ولا الجاه ولا السلطان .