قوله : { عَلَى أَرْجَآئِهَآ } : خبرُ المبتدأ . والضميرُ للسماء . وقيل : للأرض . قال الزمخشري : " فإنْ قلتَ : ما الفرقُ بين قولِه " والمَلَكُ " وبين أنْ يقال : والملائكة ؟ قلت : المَلَكُ أعَمُّ مِنْ الملائكةِ ؛ ألا ترى أنَّ قولَك " ما مِنْ مَلَكٍ إلاَّ وهو شاهِدٌ " أعمُّ من قولِك : " ما مِنْ ملائكة " انتهى . قال الشيخ : " ولا يَظْهر أنَّ المَلَكَ أعَمُّ مِنْ الملائكةِ ؛ لأنَّ المفردَ المحلَّى بالألف واللام [ الجنسية ] قُصاره أَنْ يكونَ مُراداً به الجمعُ المُحلَّى [ بهما ] ولذلك صَحَّ الاستثناءُ منه ، فقصاراه أن يكونَ كالجمعِ المُحَلَّى بهما ، وأمَّا دَعْواه أنه أعَمُّ منه بقوله : " ألا ترى إلى آخره " فليس دليلاً على دَعْواه ؛ لأنَّ " مِنْ مَلَكٍ " نكرةٌ مفردةٌ في سياقِ النفيِ قد دَخَلَتْ عليها " مِنْ " المُخَلِّصةُ للاستغفارق . فَشَمَلَتْ كلَّ مَلَكٍ ، فاندرج تحتها الجمعُ لوجود الفردِ فيه ، فانتفى كلُّ فردٍ بخلافِ " مِنْ ملائكة " فإنَّ " مِنْ " دَخَلَتْ على جمع مُنكَّرٍ ، فَعَمَّ في كلِّ جمعٍ جمعٍ من الملائكة ، ولا يلزَمُ مِنْ ذلك انتفاءُ كلِّ فردٍ مَنْ الملائكة . لو قلت : " ما في الدارِ مِنْ رجال " جاز أَنْ يكونَ فيها واحدٌ ؛ لأنَّ النفيَ إنما انسحب على جمعٍ ، ولا يَلْزَمُ مِنْ انتفاءِ الجمعِ أَنْ ينتفيَ المفرد ، والمَلَكُ في الآية ليس في سياقِ نفيٍ دَخَلَتْ عليه " مِنْ " وإنما جيء به مفرداً لأنه أَخفُّ ، ولأنَّ قولَه " على أَرْجائِها " يَدُلُّ على الجَمْعِ ؛ لأنَّ الواحدَ بما هو واحدٌ لا يمكنُ أَنْ يكونَ " على أرجائها " في وقتٍ واحدٍ ، بل في أوقاتٍ . والمرادُ واللَّهُ أعلَمُ أنَّ الملائكةَ على أرجائها ، لا أنه مَلَكٌ/ واحدٌ ينتقِلُ على أرجائها في أوقات " .
قلت : الزمخشريُّ مَنْزَعُه في هذا ما قدَّمْتُه عنه في أواخرِ سورةِ البقرة عند قوله { وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ } فليُراجَعْ ثمة . وأمَّا قولُ الشيخ : " ما [ في الدار ] مِنْ رجال ، إنَّ النفي مَنسَحِبٌ على رُتَبِ الجمعِ " ففيه خلافٌ للناسِ ونَظَرٌ . والتحقيقُ ما ذكره . والضمير في " فوقهم " يجوزُ أَنْ يعودَ على المَلَك ؛ لأنه بمعنى الجمع كما تقدَّم ، وأَنْ يعودَ على الحامِلينَ الثمانيةِ . وقيل : يعود على جمع العالَمِ ، أي : إن الملائكةَ تحملُ عَرْشَ اللَّهِ تعالى فوق العالَمِ كلِّه .
قوله : { ثمانيةٌ } أَبْهم اللهُ تعالى هذا العددَ ، فلم يَذْكُرْ له تمييزاً فقيل : تقديرُه ثمانية أشخاصٍ . وقيل : ثمانيةُ صُنوفٍ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.