تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَنَادَوۡاْ صَاحِبَهُمۡ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ} (29)

ثم قال تعالى : { فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ } قال المفسرون : هو عاقر الناقة ، واسمه قُدّار بن سالف ، وكان أشقى قومه . كقوله : { إِذِ انْبَعَثَ أَشْقَاهَا } [ الشمس : 12 ] . { فَتَعَاطَى } أي : فَجَسر{[27783]}

{ فَعَقَرَ . فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ }


[27783]:-(1) في م: "حسر".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَنَادَوۡاْ صَاحِبَهُمۡ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ} (29)

فنادَوا صاحبهم الذي أغروه بقتلها وهو قُدار بضم القاف وتخفيف الدال بنُ سالف . ويعرف عند العرب بأحمر ، قال زهير :

فَتُنْتِجْ لكم غلمانَ أشأَمَ كلَّهم *** كأحمرِ عَاد ثم تُرضع فَتفْطِم

يريد أحمر ثمود لأن ثموداً إخوة عاد ( ولم أقف على سبب وصفه بأحمر وأحسب أنه لبياض وجهه ) . وفي الحديث بُعثت إلى الأحمر والأسود ، وكان قُدار من سَادتهم وأهل العزة منهم ، وشبههُ النبي بأبي زمعة يعني الأسودَ بن المطلب بن أسد في قوله : فانتدب لها رجل ذو منعة في قومه كأبي زمعة ( أي فأجاب نداءهم فَرماها بنبل فقتلها ) .

وعبر عنه بصاحبهم للإِشارة إلى أنهم راضون بفعله إذ هم مصاحبون له وممالئون .

ونداؤهم إياه نداء الإِغراء بالناقة وإنما نادوه لأنه مشتهر بالإِقدام وقلة المبالاة لعزته .

وتعاطى } مطاوع عاطاه وهو مشتق من : عطَا يعطو ، إذا تناول . وصيغة تفاعل تقتضي تعدد الفاعل ، شبه تخوف القوم من قتلها لما أنذرهم به رسولهم من الوعيد وتردُّدُهم في الإِقدام على قتلها بالمعاطاة فكل واحد حين يُحجم عن مباشرة ذلك ويشير بغيره كأنه يعطي ما بيده إلى يد غيره حتى أخذه قُدار .

وعطف { فعقر } بالفاء للدلالة على سرعة إتيانه ما دعوه لأجله .

والعقر : أصله ضرب البعير بالسيف على عراقيبه ليسقط إلى الأرض جاثياً فيتمكن الناحر من نَحره . قال أبو طالب :

ضروبٌ بنصل السيف سُوق سمائها *** إذا عدموا زادا فإنك عاقر

وغلب إطلاقه على قتل البعير كما هنا إذ ليس المراد أنه عَقَرها بل قتلها بنبله .