اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَنَادَوۡاْ صَاحِبَهُمۡ فَتَعَاطَىٰ فَعَقَرَ} (29)

قوله : «فَنَادَوْا صَاحِبَهْم » قبله محذوف أي فتمادوا على ذلك ثم عزموا على عقرها فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر . و«تعاطى » مطاوع عَاطَى كأنهم كانوا يتدافعون ذلك حتى تولاه أشقاها . والمعنى فنادوا صاحبهم نداء المُسْتَغِيث وهو قُدار بنُ سَالف وكان أشجعهم . وقيل : كان رئيسهم . فتعاطى أي آلةَ العقر أو الناقةَ ، أو هو عبارة عن الإقدام على الفعل العظيم . وتحقيقه أن الفعلَ العظيمَ يتبرأ منه كُلُّ أحد ويعطيه صاحبَه أو جَعَلُوا لَهُ جُعْلاً فَتعَاطَاهُ .

قال مُحَمَّدُ بن إسْحَاقَ : كمن لها في أصل شجرة على طريقها فرماها فانتظم به عضلة ساقها ثم شد عليها بالسيف فكشف عرقوبها فخرت ورَغَتْ رغاة واحدة ، ثم نَحَرَها .

قال ابن عباس : كان الذي عقرها أحمر أشقر أكشف أقعى يقال له : قُدار بن سالف . والعرب تسمي الجَزَّار قُدَاراً تشبيهاً بقُدار بْنِ سالف مشؤوم آل ثمود{[54099]} ، قال مهلهل :

إنَّا لَنَضْرِبُ بالسُّيُوف رُؤُوسَهُمْ *** ضَرْبَ القُدَارِ نَقِيعَةَ القُدَّامِ{[54100]}


[54099]:القرطبي 17/140 و141.
[54100]:من الكامل لمهلهل ويروى صدره: إنا لنضرب بالصّوارم هَامَهُم *** ...................... والقُدار: الجزار، والنقيعة ما ينحر للضيافة، والقدام: القادمون من سفر جمع قادم وقيل: القدّام الملك وجاء بالقدار جلالة على أنه هو الجزار. وانظر القرطبي 17/141.