تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَمَا لَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (20)

وقوله : { فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ } أي : فماذا يمنعهم من الإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر ؟ وما لهم إذا قرأت عليهم آيات الرحمن{[29901]} وكلامه - وهو هذا القرآن - لا يسجدون إعظاما وإكرامًا واحتراما ؟ .


[29901]:- (4) في أ: "آيات الله".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَمَا لَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (20)

وقوله : فَمَالَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ يقول تعالى ذكره : فما لهؤلاء المشركين لا يصدّقون بتوحيد الله ، ولا يقرّون بالبعث بعد الموت ، وقد أقسم لهم ربهم بأنهم راكبون طبقا عن طبق ، مع ما قد عاينوا من حججه بحقيقة توحيده . وقد :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله فَمَالَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ : قال : وبهذا الحديث ، وبهذا الأمر .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَمَا لَهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (20)

يجوز أن يكون التفريع على ما ذكر من أحوال مَن أوتي كتابه وراء ظهره ، وأعيد عليه ضمير الجماعة لأن المراد ب ( من ) الموصولة كل من تحق فيه الصلة فجرى الضمير على مدلول ( مَن ) وهو الجماعة . والمعنى : فما لهم لا يخافون أهوال يوم لقاء الله فيؤمنوا .

ويجوز أن يكون مفرعاً على قوله : { يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه } [ الانشقاق : 6 ] ، أي إذا تحققت ذلك فكيف لا يؤمن بالبعث الذين أنكروه . وجيء بضمير الغيبة لأن المقصود من الإِنكار والتعجيب خصوص المشركين من الذين شملهم لفظ الإِنسان في قوله : { يا أيها الإنسان إنك كادح } لأن العناية بموعظتهم أهم فالضمير التفات .

ويجوز أن يكون تفريعاً على قوله : { لتركبن طبقاً عن طبق } [ الانشقاق : 19 ] فيكون مخصوصاً بالمشركين باعتبار أنهم أهم في هذه المواعظ . والضمير أيضاً التفات .

ويجوز تفريعه على ما تضمنه القسم من الأحوال المقسم بها باعتبار تضمن القَسَم بها أنها دلائل على عظيم قدرة الله تعالى وتفرده بالإلهية ففي ذكرها تذكرة بدلالتها على الوحدانية . والالتفات هو هو .

وتركيب « ما لهم لا يؤمنون » يشتمل على ( مَا ) الاستفهامية مُخبر عنها بالجار والمجرور . والجملةُ بعد { لهم } حال من ( ما ) الاستفهامية .

وهذا الاستفهام مستعمل في التعجيب من عدم إيمانهم وفي إنكار انتفاء إيمانهم لأن شأن الشيء العجيب المنكَر أن يُسأل عنه فاستعمال الاستفهام في معنى التعجيب والإِنكار مجاز بعلاقة اللزوم ، واللام للاختصاص .

وجملة : { لا يؤمنون } في موضع الحال فإنها لو وقع في مكانها اسمٌ لَكان منصوباً كما في قوله تعالى : { فما لكم في المنافقين فئتين } [ النساء : 88 ] والحال هي مناط التعجيب ، وقد تقدم تفصيل القول في تركيبه وفي الصّيغ التي ورد عليها أمثال هذا التركيب عند قوله تعالى : { قالوا وما لنا ألاَّ نقاتل في سبيل الله } في سورة البقرة ( 246 ) .

ومتعلق { يؤمنون } محذوف يدل عليه السّياق ، أي بالبعث والجزاء .

ويجوز تنزيل فعل { يؤمنون } منزلة اللازم ، أي لا يتصفون بالإِيمان ، أي ما سبب أن لا يكونوا مؤمنين ، لظهور الدلائل على انفراد الله تعالى بالإلهية فكيف يستمرون على الإِشراك به .

والمعنى : التعجيب والإِنكار من عدم إيمانهم مع ظهور دلائل صدق ما دُعوا إليه وأُنذروا به .

و { لا يسجدون } عطف على { لا يؤمنون } { وإذا قرىء عليهم القرآن } ظرف قدم على عامله للاهتمام به وتنويه شأن القرآن .