تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلۡجِبِلَّةَ ٱلۡأَوَّلِينَ} (184)

وقوله : { وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الأوَّلِينَ } : يخوفهم بأس الله الذي خلقهم وخلق آباءهم الأوائل ، كما قال موسى ، عليه السلام : { رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأوَّلِينَ } [ الصافات : 126 ] . قال ابن عباس ، ومجاهد ، والسُّدِّي ، وسفيان بن عيينة ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : { وَالْجِبِلَّةَ الأوَّلِينَ } يقول : خلق الأولين . وقرأ ابن زيد : { وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا } [ يس : 62 ] .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلۡجِبِلَّةَ ٱلۡأَوَّلِينَ} (184)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَاتّقُواْ الّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلّةَ الأوّلِينَ * قَالُوَاْ إِنّمَآ أَنتَ مِنَ الْمُسَحّرِينَ * وَمَآ أَنتَ إِلاّ بَشَرٌ مّثْلُنَا وَإِن نّظُنّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مّنَ السّمَآءِ إِن كُنتَ مِنَ الصّادِقِينَ } .

يقول تعالى ذكره : وَاتّقُوا أيها القوم عقاب ربكم الّذِي خَلَقَكُمْ ، وَ خلق الجبِلّةَ الأوّلِينَ يعني بالجبِلّة : الخلق الأوّلين . وفي الجبلة للعرب لغتان : كسر الجيم والباء وتشديد اللام ، وضم الجيم والباء وتشديد اللام فإذا نُزعت الهاء من آخرها كان الضمّ في الجيم والباء أكثر كما قال جلّ ثناؤه : وَلَقَدْ أضَلّ مِنْكُمْ جِبِلاً كَثِيرا وربما سكنوا الباء من الجِبْل ، كما قال أبو ذُؤيب :

مَنايا يُقَرّبْنَ الحُتُوفَ لأَهْلِها *** جِهارا ويَسْتَمْتِعْنَ بالأنَسِ الجِبْلِ

وبنحو ما قلنا في معنى الجبِلّة قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس : قوله وَاتّقُوا الّذِي خَلَقَكُمْ والجِبِلّةَ الأوّلِينَ يقول : خلق الأوّلين .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : والجِبِلّةَ الأوّلِينَ قال : الخليقة .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله والجِبِلّةَ الأوّلِينَ قال : الخلق الأوّلين ، الجبلة : الخلق .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلۡجِبِلَّةَ ٱلۡأَوَّلِينَ} (184)

{ واتقوا الذي خلقكم والجبلة والأولين } وذوي الجبلة الأولين يعني من تقدمهم من الخلائق .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلۡجِبِلَّةَ ٱلۡأَوَّلِينَ} (184)

و { الجبلة } القرون ، والخليقة الماضية وقال الشاعر :

[ الكامل ]

والموت أعظم حادث . . . مما يمر على الجبلَّه{[4]}

وقرأ جمهور الناس «والجِبِلة » بكسر الجيم والباء ، وقرأ ابن محيصن والحسن بخلاف «والجُبُلة » بضمها .


[4]:- هو أبو هاشم المكي الليثي، وردت الرواية عنه في حروف القرآن، يروي عن أبيه ابن عمر.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلۡجِبِلَّةَ ٱلۡأَوَّلِينَ} (184)

أكد قوله في صدر خطابه { فاتقوا الله } [ الشعراء : 179 ] بقوله هنا : { واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين } وزاد فيه دليل استحقاقه التقوى بأن الله خلقهم وخلق الأمم من قبلهم ، وباعتبار هذه الزيادة أُدخل حرف العطف على فعل { اتقوا } ولو كان مجرد تأكيدٍ لم يصح عطفه . وفي قوله : { الذي خلقكم } إيماء إلى نبذ اتقاء غيره من شركائهم .

و { الجبلة } : بكسر الجيم والباء وتشديد اللام : الخلقة ، وأريد به المخلوقات لأن الجبلة اسم كالمصدر ولهذا وصف ب { الأولين } . وقيل : أطلق الجبلة على أهلها ، أي وذوي الجبلة الأولين . والمعنى : الذي خلقكم وخلق الأمم قبلكم .