البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِي خَلَقَكُمۡ وَٱلۡجِبِلَّةَ ٱلۡأَوَّلِينَ} (184)

الجبلة : الخلق المتجسد الغليظ ، مأخوذ من الجبل .

قال الشاعر :

والموت أعظم حادث *** مما يمر على الجبله

ويقال : بسكون الباء مثلث الجيم .

وقال الهروي : الجبل والجبل والجبل ، لغات ، وهو الجمع الكثير العدد من الناس . انتهى .

ولما تقدم أمره عليه السلام إياهم بتقوى الله ، أمرهم ثانياً بتقوى من أوجدهم وأوجد من قبلهم ، تنبيهاً على أن من أوجدهم قادر على أن يعذبهم ويهلكهم .

وعطف عليهم { والجبلة } إيذاناً بذلك ، فكأنه قيل : يصيركم إلى ما صار إليه أولوكم ، فاتقوا الله الذي تصيرون إليه .

وقرأ الجمهور : والجبلة بكسر الجيم والباء وشد اللام .

وقرأ أبو حصين ، والأعمش ، والحسن : بخلاف عنه ، بضمها والشد للام .

وقرأ السلمي : والجبلة ، بكسر الجيم وسكون الباء ، وفي نسخة عنه : فتح الجيم وسكون الباء ، وهي من جبلوا على كذا ، أي خلقوا .

قيل : وتشديد اللام في القراءتين في بناءين للمبالغة .

وعن ابن عباس : الجبلة : عشرة آلاف .