تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجٗا وَلَآ أَمۡتٗا} (107)

أي : لا ترى في الأرض يومئذ واديًا ولا رابية ، ولا مكانًا منخفضًا ولا مرتفعًا ، كذلك{[19498]} قال ابن عباس ، وعكرمة ، ومجاهد ، والحسن البصري ، والضحاك ، وقتادة ، وغير واحد من السلف .


[19498]:في أ: "وكذا".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجٗا وَلَآ أَمۡتٗا} (107)

وقوله : " لا تَرَى فِيها عِوَجا وَلا أَمْتا " يقول : لا ترى في الأرض عوجا ولا أمتا .

واختلف أهل التأويل في معنى العوج والأمت ، فقال بعضهم : عنى بالعوج في هذا الموضع : الأودية ، وبالأمت : الروابي والنشوز . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله " لا تَرَى فِيها عِوَجا وَلا أمْتا " يقول : واديا ، ولا أمتا : يقول : رابية .

حدثني محمد بن عبد الله المخرمي ، قال : حدثنا أبو عامر العقدي ، عن عبد الواحد بن صفوان مولى عثمان ، قال : سمعت عكرمة ، قال : سئل ابن عباس ، عن قوله لا تَرَى فِيها عِوَجا وَلا أمْتا قال : هي الأرض البيضاء ، أو قال : الملساء التي ليس فيها لبنة مرتفعة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد " لا تَرَى فِيهَا عِوَجا وَلا أمْتا " قال : ارتفاعا ، ولا انخفاضا .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله " لا تَرَى فِيها عِوَجا وَلا أمْتا " قال : لا تعاديَ ، الأمت : التعادي .

وقال آخرون : بل عنى بالعوج في هذا الموضع : الصدوع ، وبالأمت : الارتفاع من الاَكام وأشباهها . ذكر من قال ذلك :

حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قَتادة ، في قوله : " لا تَرَى فِيها عِوَجا " قال : صدعا وَلا أمْتا يقول : ولا أكمة .

وقال آخرون : عنى بالعوج : الميل ، وبالأمت : الأثر . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : " لا تَرَى فِيها عِوَجا وَلا أمْتا " يقول : لا ترى فيها ميلاً ، والأمت : الأثر مثل الشراك .

وقال آخرون : الأمت : المحاني والأحداب . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بِشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : الأمت : الحدب .

قال أبو جعفر : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال : عنى بالعوج : الميل ، وذلك أن ذلك هو المعروف في كلام العرب .

فإن قال قائل : وهل في الأرض اليوم من عوج ، فيقال : لا ترى فيها يومئذٍ عوجا . قيل : إن معنى ذلك : ليس فيها أودية وموانع تمنع الناظر أو السائر فيها عن الأخذ على الاستقامة ، كما يحتاج اليوم من أخذ في بعض سبلها إلى الأخذ أحيانا يمينا ، وأحيانا شمالاً ، لما فيها من الجبال والأودية والبحار . وأما الأمت فإنه عند العرب : الانثناء والضعف . مسموع منهم : مدّ حبله حتى ما ترك فيه أمتا : أي انثناء وملأ سقاءه حتى ما ترك فيه أمتا ومنه قول الراجز :

*** ما فِي انْجذَابِ سَيْرِهِ مِنْ أمْتِ ***

يعني : من وهن وضعف ، فالواجب إذا كان ذلك معنى الأمت عندهم أن يكون أصوب الأقوال في تأويله : ولا ارتفاع ولا انخفاض ، لأن الانخفاض لم يكن إلاّ عن ارتفاع . فإذا كان ذلك كذلك ، فتأويل الكلام : لا ترى فيها ميلاً عن الاستواء ، ولا ارتفاعا ، ولا انخفاضا ، ولكنها مستوية ملساء ، كما قال جلّ ثناؤه : قاعا صَفْصَفا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجٗا وَلَآ أَمۡتٗا} (107)

{ لا ترى فيها عوجا ولا أمتا } اعوجاجا ولا نتوا إن تأملت فيها بالقياس الهندسي ، وثلاثتها أحوال مترتبة فالأولان باعتبار الإحساس والثالث باعتبار المقياس ولذلك ذكر العوج بالكسر وهو يخص بالمعاني ، والأمت وهو النتوء اليسير وقيل لا ترى استئناف مبين للحالين .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجٗا وَلَآ أَمۡتٗا} (107)

و «العوج » ما يعتري اعتدال الأرض من الأخذ يمنة ويسرة بحسب النشز من جبل وطرق وكدية{[2]} ونحوه ، و «الأمت » ما يعتري الأرض من ارتفاع وانخفاض ، يقال مد حبله حتى ما ترك فيه أمتاً فكأن «الأمت » في الآية العوج في السماء تجاه الهواء ، و «العوج » في الآية مختص بالعرض{[3]} وفي هذا نظر .


[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.
[3]:- أخرجه الإمام مالك في الموطأ المشهور بلفظ: (السبع المثاني القرآن العظيم الذي أعطيته) والترمذي وغيرهما، وخرج ذلك أيضا الإمام البخاري وغيره، عن أبي سعيد ابن المعلى في أول كتاب التفسير، وفي أول كتاب الفضائل بلفظ: (السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته). والسبع الطوال هي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، فقوله: والسبع الطوال إلخ. رد على من يقول: إنما السبع المثاني.
 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجٗا وَلَآ أَمۡتٗا} (107)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{لا ترى فيها عوجا} يعني: خفضا {ولا أمتا} يعني: رفعا.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"لا تَرَى فِيها عِوَجا وَلا أَمْتا" يقول: لا ترى في الأرض عوجا ولا أمتا.

واختلف أهل التأويل في معنى العوج والأمت؛

فقال بعضهم: عنى بالعوج في هذا الموضع: الأودية، وبالأمت: الروابي والنشوز... عن مجاهد "لا تَرَى فِيهَا عِوَجا وَلا أمْتا "قال: ارتفاعا، ولا انخفاضا...

وقال آخرون: بل عنى بالعوج في هذا الموضع: الصدوع، وبالأمت: الارتفاع من الآكام وأشباهها...

وقال آخرون: عنى بالعوج: الميل، وبالأمت: الأثر...

وقال آخرون: الأمت: المحاني والأحداب...

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال: عنى بالعوج: الميل، وذلك أن ذلك هو المعروف في كلام العرب.

فإن قال قائل: وهل في الأرض اليوم من عوج، فيقال: لا ترى فيها يومئذٍ عوجا. قيل: إن معنى ذلك: ليس فيها أودية وموانع تمنع الناظر أو السائر فيها عن الأخذ على الاستقامة، كما يحتاج اليوم من أخذ في بعض سبلها إلى الأخذ أحيانا يمينا، وأحيانا شمالاً، لما فيها من الجبال والأودية والبحار. وأما الأمت فإنه عند العرب: الانثناء والضعف. مسموع منهم: مدّ حبله حتى ما ترك فيه أمتا: أي انثناء وملأ سقاءه حتى ما ترك فيه أمتا... فالواجب إذا كان ذلك معنى الأمت عندهم أن يكون أصوب الأقوال في تأويله: ولا ارتفاع ولا انخفاض، لأن الانخفاض لم يكن إلاّ عن ارتفاع. فإذا كان ذلك كذلك، فتأويل الكلام: لا ترى فيها ميلاً عن الاستواء، ولا ارتفاعا، ولا انخفاضا، ولكنها مستوية ملساء، كما قال جلّ ثناؤه: "قاعا صَفْصَفا".

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

اختيار هذا اللفظ له موقع حسن بديع في وصف الأرض بالاستواء والملاسة، ونفي الاعوجاج عنها على أبلغ ما يكون، وذلك أنك لو عمدت إلى قطعة أرض فسوّيتها وبالغت في التسوية على عينك وعيون البصراء من الفلاحة، واتفقتم على أنه لم يبق فيها اعوجاج قط، ثم استطلعت رأي المهندس فيها وأمرته أن يعرض استواءها على المقاييس الهندسية، لعثر فيها على عوج في غير موضع، لا يدرك ذلك بحاسة البصر ولكن بالقياس الهندسي، فنفى الله عزّ وعلا ذلك العوج الذي دقّ ولطف عن الإدراك، اللهمَّ إلا بالقياس الذي يعرفه صاحب التقدير والهندسة، وذلك الاعوجاج لما لم يدرك إلا بالقياس دون الإحساس لحق بالمعاني، فقيل فيه: عوج بالكسر. الأمت: النتوّ اليسير، يقال: مدّ حبله حتى ما فيه أمت.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{لا ترى} أي بالبصر و لا بالبصيرة {فيها} أي مواضع الجبال {عوجاً} بوجه من الوجوه، وعبر هنا بالكسر هو للمعاني، ولم يعبر بالفتح الذي يوصف به الأعيان، ومواضع الجبال أعيان لا معاني، نفياً للاعوجاج على أبلغ وجه، بمعنى أنك لو جمعت أهل الخبرة بتسوية الأراضي لاتفقوا على الحكم باستوائها، ثم لو جمعت أهل الهندسة فحكموا مقاييسهم العلمية فيها لحكموا بمثل ذلك {ولا أمتاً} أي شيئاً مرتفعاً كالكدية أو نتوّاً يسيراً أو شقاً أو اختلافاً.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

أي: كأنها مستوية على (ميزان الماء) لا ترى فيها اعوجاجا ولا (أمتا) يعني: منخفض ومرتفع، فهي مستوية استواء تاما، كما نفعل نحن في الجدار، ونحرص على استوائه.