مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجٗا وَلَآ أَمۡتٗا} (107)

وثالثها : قوله : { لا ترى فيها عوجا ولا أمتا } وقال صاحب «الكشاف » : قد فرقوا بين العوج والعوج فقالوا : العوج بالكسر في المعاني والعوج بالفتح في الأعيان ، فإن قيل : الأرض عين فكيف صح فيها المكسور العين ؟ قلنا : اختيار هذا اللفظ له موقع بديع في وصف الأرض بالاستواء ونفي الاعوجاج ، وذلك لأنك لو عمدت إلى قطعة أرض فسويتها وبالغت في التسوية فإذا قابلتها المقاييس الهندسية وجدت فيها أنواعا من العوج خارجة عن الحس البصري . قال فذاك القدر في الاعوجاج لما لطف جدا ألحق بالمعاني فقيل فيه : عوج بالكسر ، واعلم أن هذه الآية تدل على أن الأرض تكون ذلك اليوم كرة حقيقية لأن المضلع لا بد وأن يتصل بعض سطوحه بالبعض لا على الاستقامة بل على الاعوجاج وذلك يبطله ظاهر الآية .

ورابعها : الأمت النتوء اليسير ، يقال : مد حبله حتى ما فيه أمت وتحصل من هذه الصفات الأربع أن الأرض تكون ذلك اليوم ملساء خالية عن الارتفاع والانخفاض وأنواع الانحراف والإعوجاج .