اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجٗا وَلَآ أَمۡتٗا} (107)

قوله : { لاَّ ترى فِيهَا عِوَجاً } يجوز في هذه الجملة أن تكون مستأنفة ، وأن تكون حالاً من الجبال ، ويجوز أن تكون صفة للحال{[26833]} المتقدمة وهي " قَاعاً " على أحد التأويلين ، أو صفة للمفعول الثاني على التأويل الآخر{[26834]} .

وتقدم الكلام على العِوَج{[26835]} . وقال{[26836]} الزمخشري هنا : فإن قلت : قد فرَّقوا بين العَوَج والعِوَج ، قالوا : العوج بالكسر في المعاني ، وبالفتح في الأعيان{[26837]} ، والأرض عَيْن ، فكيف صح فيها{[26838]} كسر العين . قلت : اختيار هذا اللفظ له موقع حسن بديع في وصف الأرض بالاستواء والملاسة{[26839]} ، ونفي الاعوجاج عنها على أبلغ ما يكون وذلك أنه لو عَمَدت إلى قطعةِ أرض فسويتها وبالغت في التسوية على عينيك وعيون{[26840]} البصراء ، واتفقتم على أنَّه لم يبقى فيها اعوجاج قط ، ثم استطلعت رأي{[26841]} المهندس فيها وأمرته أن يعرض استواءها على المقاييس الهندسية{[26842]} لعثر{[26843]} فيها على عوج في غير موضع لا يدرك ذلك بحاسة البصر ولكن{[26844]} بالقياس الهندسي ، فنفى الله تعالى ذلك العوج الذي دقَّ وَلطُفَ عن الإدراك اللهم إلا بالقياس الذي يعرفه{[26845]} صاحب التقدير الهندسي ، وذلك الاعوجاجُ لمَّا لم يدرك إلا بالقياس دون الإحساس أُلحق بالمعاني ، فقيل فيه عِوَجٌ بالكسر{[26846]} .

والأَمْتُ{[26847]} النتوُّ اليسير يقال : مَدَّ حَبْلَهُ حتى ما فيه أمْتٌ{[26848]} . وقيل : الأمت التل{[26849]} ، وهو قريب من الأول .

وقيل : الشُّقُوقُ في الأرض . وقيل : الإكام{[26850]} .

وقال الحسن : العوَج ما انخفض من الأرض ، والأمْتُ ما نشز من الرَّوابي . والمقصود من وصف الأرض بهذه الأوصَاف أنها تكون في ذلك اليوم ملساءَ خالية عن الارتفاع والانخفاض وأنواع الانحراف والاعوجاج{[26851]} .


[26833]:انظر الصحاح (قَوَع).
[26834]:في ب: الجبال. وهو تحريف.
[26835]:تقدم أنه يجوز إعراب "قاعا" حالا إذا كانت "يذر" بمعنى يخل ومفعولا ثانيا إذا كانت بمعنى يترك التصييرية. انظر البيان 2/904. عند قوله تعالى: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا} [الكهف: 1] وذكر هناك: قال أهل اللغة العوج في المعاني كالعوج في الأعيان فالمراد منه نفي التناقض، وقيل معناه لم يجعله مخلوفا. انظر اللباب 5/327.
[26836]:في ب: فقال.
[26837]:وفي اللسان (عَوََََضجَ): والعوج: وهو بفتح العين مختص بكل شخص مرئي كالأجسام وبالكسر بما ليس بمرئي كالرأي والقول. وقيل: الكسر يقال فيهما معا والأول أكثر.
[26838]:في ب: فكيف يصح فيهما. وهو تحريف.
[26839]:في ب: والملامسة. وهو تحريف.
[26840]:في ب: وعين.
[26841]:في ب: أمر.
[26842]:الهندسية: سقط من ب.
[26843]:في ب: يعثر.
[26844]:في الأصل: لكن.
[26845]:في ب: الذي يصرفه أي يعرفه. وهو تحريف.
[26846]:الكشاف 2/447.
[26847]:في ب: فصل معنى الأمت.
[26848]:الكشاف 2/447.
[26849]:انظر البحر المحيط 6/271.
[26850]:اللسان (أمَتَ).
[26851]:انظر الفخر الرازي 22/118.