تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{ٱلنَّجۡمُ ٱلثَّاقِبُ} (3)

يقسم{[29949]} تعالى بالسماء وما جعل فيها من الكواكب النيرة ؛ ولهذا قال : { وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ } ثم قال { وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ } ثم فسره بقوله : { النَّجْمُ الثَّاقِبُ }

قال قتادة وغيره : إنما سمي النجم طارقا ؛ لأنه إنما يرى بالليل ويختفي بالنهار . ويؤيده ما جاء في الحديث الصحيح : نهى أن يطرق الرجل أهله طروقا{[29950]} أي : يأتيهم فجأة بالليل . وفي الحديث الآخر المشتمل على الدعاء : " إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن " {[29951]} .

وقوله : { الثَّاقِبُ } قال ابن عباس : المضيء . وقال السدي : يثقب الشياطين إذا أرسل عليها . وقال عكرمة : هو مضيء ومحرق للشيطان .


[29949]:- (5) في أ: "أقسم".
[29950]:- (6) رواه البخاري في صحيحه برقم (5243) من حديث جابر، رضي الله عنه.
[29951]:- (1) رواه الإمام أحمد في المسند (3/419) من حديث عبد الرحمن بن خنبش، رضي الله عنه.

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ٱلنَّجۡمُ ٱلثَّاقِبُ} (3)

َما أدْرَاكَ ما الطّارِقُ يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وما أشعرك يا محمد ما الطارق الذي أقسمت به ؟ ثم بين ذلك جلّ ثناؤه ، فقال : هو النجم الثاقب ، يعني : يتوقد ضياؤه ويتوهّج . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله : النّجْمُ الثّاقِبُ يعني : المضيء .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس النّجْمُ الثاقِبُ قال : هي الكواكب المضيئة ، وثقوبه : إذا أضاء .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا الحسين ، عن يزيد ، عن عكرِمة ، في قوله : النّجْمُ الثّاقِبُ قال : الذي يثقب .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : الثّاقِبُ قال : الذي يتوهَج .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ثقوبه : ضوءه .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة النّجْمُ الثّاقِبُ : المضيء .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : النّجْمُ الثّاقِبُ قال : كانت العرب تسمي الثّريّا النجم ، ويقال : إن الثاقب النجم الذي يقال له زُحَل . والثاقب أيضا : الذي قد ارتفع على النجوم ، والعرب تقول للطائر : إذا هو لحق ببطن السماء ارتفاعا : قد ثَقَب ، والعرب تقول : أثقِب نارك : أي أضئها .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ٱلنَّجۡمُ ٱلثَّاقِبُ} (3)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

فسرها له؟ فقال: {النجم الثاقب} يعنى المضيء...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

ثم بين ذلك جلّ ثناؤه، فقال: هو النجم الثاقب، يعني: يتوقد ضياؤه ويتوهّج...

عن ابن عباس، في قوله:"النّجْمُ الثّاقِبُ "يعني: المضيء... وثقوبه: إذا أضاء...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

أقسم بالنجم الثاقب، وهو المتلألئ من النجوم، المضيء الذي يثقب الشيطان، أو يحرقه، ولما فيها أيضا من عظم البركات. وبركاتها أنها جعلت بحيث يهتدى بها في البر والبحر، ويوصل بها إلى لطائف التدبير...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

والثاقب: المضيء المنير، وثقوبه: توقده وتنوره، تقول العرب: أثقب نارك أي أشعلها حتى تضيئ... والثاقب أيضا العالي الشديد العلو،...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{النجم الثاقب}: المضيء، كأنه يثقب الظلام بضوئه فينفذ فيه.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

ثم بين الله تعالى الجنس المذكور بأنه {النجم الثاقب}، وقيل بل معنى الآية: {والسماء} وجميع ما يطرق فيها من الأمور والمخلوقات، ثم ذكر تعالى بعد ذلك على جهة التنبيه أجل الطارقات قدراً وهو {النجم الثاقب}...

أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي 685 هـ :

المضيء كأنه يثقب الظلام بضوئه فينفذ فيه أو الأفلاك...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ثم يحدده ويبينه بشكله وصورته: (النجم الثاقب) الذي يثقب الظلام بشعاعه النافذ. وهذا الوصف ينطبق على جنس النجم. ولا سبيل إلى تحديد نجم بذاته من هذا النص، ولا ضرورة لهذا التحديد. بل إن الإطلاق أولى. ليكون المعنى: والسماء ونجومها الثاقبة للظلام، النافذة من هذا الحجاب الذي يستر الأشياء. ويكون لهذه الإشارة إيحاؤها حول حقائق السورة وحول مشاهدها الأخرى.. كما سيأتي...

.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

{النجم} خبر عن ضمير محذوف تقديره: هو، أي الطارق النجم الثاقب. والثقب: خرق شيء ملتئم، وهو هنا مستعار لظهور النور في خلال ظلمة الليل. شبه النجم بمسمار أو نحوه، وظهورُ ضوئه بظهور ما يبدو من المسمار من خلال الجسم الذي يثقبه مثل لَوح أو ثَوب. وأحسب أن استعارة الثقب لبروز شعاع النجم في ظلمة الليل من مبتكرات القرآن ولم يرد في كلام العرب قبل القرآن...

إلا أن صيغة الإفراد في قوله: {الثاقب} ظاهر في إرادة فرد معيّن من النجوم، ويجوز أن يكون التعريف للعهد إشارة إلى نجم معروف يطلق عليه اسم النجم غالباً، أي والنجم الذي هو طارق. ويناسب أن يكون نجماً يَطلع في أوائل ظلمة الليل وهي الوقت المعهود لِطروق الطارقين من السائرين...