اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱلنَّجۡمُ ٱلثَّاقِبُ} (3)

وقوله : { النجم الثاقب } ، قال محمد بن الحسين : هو زُحَل .

وقال ابن زيد : هو الثُّريَّا - أيضاً - : أنه زُحَل{[59801]} .

وعن ابن عباس : هو الجديُ{[59802]} ، وعن عليٍّ بن أبي طالب والفرَّاء ، «النَّجْمُ الثَّاقبُ » : نجم في السماء السابعة لا يسكنها غيره من النجوم ، فإذا أخذت النجوم أمكنتها من السماء هبط ، فكان معها ، ثم يرجع إلى مكانه من السماء السابعة ، وهو زحل ، فهو طارق حين ينزل ، وحين يهبط{[59803]} .

وفي «الصحاح »{[59804]} : «الطَّارقُ : النجم الذي يقال له : كوكب الصبح » .

ومنه قول هند : [ الرجز ]

5162- نَحْنُ بَناتُ طَارق *** نَمْشِي عَلى النَمارِق{[59805]}

وقيل : هو اسم جنس ، فيدخل فيه سائر الكواكب ، وسمي ثاقباً ؛ لأنه يثقب الظَّلام بضوئه ، أي : ينفذ فيه . أي يرمي الشيطان فيحرقه .

قال الماورديُّ : وأصل الطرقِ ، الدَّق ، ومنه سميت المطرقة ، فسمي قاصد الليل : طارقاً ، لاحتياجه في الوصول إلى الدق .

ورُوِيَ أنَّ أبا طالبٍ أتى النبي صلى الله عليه وسلم بخبز ولبن ، فبينما هو جالس يأكل إذ انحطَّ نجم فامتلأت الأرض نوراً ، ففزع أبو طالب ، وقال : أيُّ شيءٍ هذا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هَذَا نجمٌ رُمِي بِهِ ، وإنَّهُ مِنْ آياتِ اللهِ » فعجب أبو طالب ، ونزلت السورة{[59806]} .

وقال مجاهد : «الثاقب » : المتوهِّج{[59807]} .


[59801]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/533)، عن ابن زيد.
[59802]:ذكره القرطبي في "تفسيره" (20/3).
[59803]:ينظر المصدر السابق.
[59804]:ينظر الصحاح 4/1515.
[59805]:نسب البيت إلى هند بنت عتبة، وإلى هند بنت بياضة بن رباح بن طارق الإيادي، ولهند بنت الفند الزماني، وللقرشية. ينظر أدب الكاتب 90، الأغاني 12/343، 15/147، وشرح شواهد المغني 2/89، واللسان (طرق)، ومعجم ما استعجم ص 70، وجمهرة اللغة ص 756، ومغني اللبيب 2/387، وهمع الهوامع 1/171.
[59806]:ذكره البغوي في "تفسيره" (4/472)، عن الكلبي ، والقرطبي (20/3).
[59807]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/533)، وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/560)، وعزاه إلى عبد بن حميد عن مجاهد.