البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ٱلنَّجۡمُ ٱلثَّاقِبُ} (3)

ثم فسره بقوله : { النجم الثاقب } ، إظهاراً لفخامة ما أقسم به لما علم فيه من عجيب القدرة ولطيف الحكمة ، وتنبيهاً على ذلك .

كما قال تعالى : { فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم } وقال ابن عطية : معنى الآية : والسماء وجميع ما يطرق فيه من الأمور والمخلوقات .

ثم ذكر بعد ذلك ، على جهة التنبيه ، أجل الطارقات قدراً وهو النجم الثاقب ، وكأنه قال : وما أدراك ما الطارق حتى الطارق ، انتهى .

فعلى هذا يكون { النجم الثاقب } بعضاً مما دل عليه { والطارق } ، إذ هو اسم جنس يراد به جميع الطوارق .

وعلى قول غيره : يراد به واحد مفسر بالنجم الثاقب .

والنجم الثاقب عند ابن عباس : الجدي ، وعند ابن زيد : زحل .

وقال هو أيضاً وغيره : الثريا ، وهو الذي تطلق عليه العرب اسم النجم .

وقال علي : نجم في السماء السابعة لا يسكنها غيره من النجوم ، فإذا أخذت النجوم أمكنتها من السماء هبط فكان معها ، ثم رجع إلى مكانه من السماء السابعة ، فهو طارق حين ينزل ، وطارق حين يصعد .

وقال الحسن : هو اسم جنس لأنها كلها ثواقب ، أي ظاهرة الضوء .

وقيل : المراد جنس النجوم التي يرمى بها ويرجم .

والثاقب ، قيل : المضيء ؛ يقال : ثقب يثقب ثقوباً وثقابة : أضاء ، أي يثقب الظلام بضوئه .

وقيل : المرتفع العالي ، ولذلك قيل هو زحل لأنه أرقها مكاناً .

وقال الفراء : ثقب الطائر ارتفع وعلا .