تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{وَيَسِّرۡ لِيٓ أَمۡرِي} (26)

{ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي } هذا سؤال من موسى ، عليه السلام ، لربه عز وجل ، أن يشرح له صدره فيما بعثه به ، فإنه قد أمره بأمر عظيم ، وخطب جسيم ، بعثه إلى أعظم ملك على وجه الأرض إذ ذاك ، وأجبرهم ، وأشدهم كفرًا ، وأكثرهم جنودًا ، وأعمرهم ملكًا ، وأطغاهم وأبلغهم تمردًا ، بلغ من أمره أن ادعى أنه لا يعرف الله ، ولا يعلم لرعاياه إلهًا غيره .

هذا وقد مكث موسى في داره مدة وليدًا عندهم ، في حجر فرعون ، على فراشه ، ثم قتل منهم نفسا فخافهم أن يقتلوه ، فهرب منهم هذه المدة بكمالها . ثم بعد هذا بعثه ربه عز وجل إليهم نذيرًا يدعوهم إلى الله عز وجل أن يعبدوه وحده لا شريك له ؛ ولهذا قال : { رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي } أي : إن لم تكن أنت عوني ونصيري ، وعضدي وظهيري ، وإلا فلا طاقة لي بذلك .