إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَيَسِّرۡ لِيٓ أَمۡرِي} (26)

{ قَالَ } استئنافٌ مبني على سؤال ينساق إليه الذهنُ ، كأنه قيل : فماذا قال عليه الصلاة والسلام حين أُمر بهذا الأمر الخطيرِ والخطبِ العسير ؟ فقيل قال مستعيناً بربه عز وجل : { رَبّ اشرح لِي صَدْرِي وَيَسّرْ لِي أَمْرِي } لما أُمر بما أمر به من الخطب الجليلِ تضرّع إلى ربه عز وجل وأظهر عجْزَه بقوله : ويضيق صدري ولا ينطلق لساني ، وسأله تعالى أن يوسعّ صدرَه ويفسَحَ قلبه ويجعله عليماً بشؤون الحق وأحوالِ الخلقِ حليماً حَمولاً يستقبل ما عسى يرِدُ عليه من الشدائد والمكاره بجميل الصبرِ وحسن الثبات ويتلقّاها بصدر فسيحٍ وجأش رابط ، وأن يسّهل عليه مع ذلك أمرَه الذي هو أجلُّ الأمور وأعظمُها وأصعبُ الخطوب وأهولُها بتوفيق الأسبابِ ورفع الموانعِ ، وفي زيادة كلمة ( لي ) مع انتظام الكلامِ بدونها تأكيدٌ لطلب الشرحِ والتيسير بإبهام المشروحِ والميسّر أولاً وتفسيرِهما ثانياً ، وفي تقديمها وتكريرِها إظهارُ مزيدِ اعتناءٍ بشأن كل من المطلوبَيْن وفضلِ اهتمامٍ باستدعاء حصولهما له واختصاصِهما به .