تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{وَتِلۡكَ ٱلۡجَنَّةُ ٱلَّتِيٓ أُورِثۡتُمُوهَا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (72)

ثم قيل لهم على وجه التفضل والامتنان : { وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } أي : أعمالكم الصالحة كانت سببا لشمول رحمة الله إياكم ، فإنه لا يدخل أحدًا عمله الجنة ، ولكن بفضل من الله ورحمته .

وإنما الدرجات تفاوتها{[26132]} بحسب عمل الصالحات .

قال ابن أبي حاتم : حدثنا الفضل بن شاذان المقرئ ، حدثنا يوسف بن يعقوب - يعني الصفار - حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن أبي صالح{[26133]} ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل أهل النار يرى منزله من الجنة حسرة ، فيقول : { لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ } [ الزمر : 57 ] وكل أهل الجنة يرى منزله من النار فيقول : { وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ } [ الأعراف : 43 ] ، ليكون {[26134]} له شكرا " . قال : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار ، فالكافر يرث المؤمنَ منزلَه من النار ، والمؤمن يرث الكافرَ منزله من الجنة " وذلك {[26135]} قوله تعالى : { وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } {[26136]} .


[26132]:- (1) في أ: "وإنما الدرجات ينال تفاوتها".
[26133]:- (2) في ت: "وروى ابن أبي حاتم بسنده".
[26134]:- (3) في ت، م: "فيكون".
[26135]:- (4) في ت، م: "فيكون".
[26136]:- (5) ورواه أحمد في مسنده (2/512) من طريق أبي بكر بن عياش به مختصرا.