تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَتِلۡكَ ٱلۡجَنَّةُ ٱلَّتِيٓ أُورِثۡتُمُوهَا بِمَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (72)

الآية 72 وقوله تعالى : { وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون } إن الله عز وجل بفضله عوّد عباده لما كان منه من الإحسان والإنعام كأنّ ذلك كلّه منهم إليه فضل منه حين{[19032]} نسب الجنة التي يُعطيهم إلى أعمالهم التي عمِلوها ، وإن كانوا لا يستوجبون الجنة وما فيها بالأعمال حقيقة .

لذلك ما ذُكر في الخبر عن نبيّ الله تعالى أنه قال : ( لا يدخل الجنة أحد إلا برحمة الله تعالى ، قيل : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمّدني الله برحمته ) [ مسلم 2816/71 . . . و2818/76 ] أخبر أن لا أحد يدخل الجنة إلا برحمته . لكنه نسب الجنة التي يعطيهم وما ذكر من الثواب إلى أعمالهم فضلا منه وإنعاما .

وكذلك ما ذكر من قوله تعالى : { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } [ التوبة : 111 ] ذكر أنه اشترى أنفسهم وأموالهم بالجنة [ التي ]{[19033]} يعطيهم . وأنفسهم وأموالهم في الحقيقة له ، ولا أحد يشتري مُلكه وماله بمال نفسه وملكه . لكنه ذكر ذلك شراء فضلا منه ، كأنْ لا مُلك له في ذلك ، ولا حق .

وكذلك ما ذكر من الإقراض له بقوله : { وأقرضوا الله قرضا حسنا } [ المزمل : 20 ] ولا أحد يستقرض ماله ومُلكه من غيره ، لكنه عاملهم معاملة من لا مُلك له في أموالهم وأنفسهم بما جعل لهم من الثواب والعِوض .

فعلى ذلك نسبة الجنة والثواب الذي ذكر لهم إلى أعمالهم إفضالا منه وإنعاما ، وإن لم يستوجبوا ما ذكر بالأعمال .


[19032]:في الأصل وم: حيث.
[19033]:ساقطة من الأصل وم.