صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَأَعۡطَىٰ قَلِيلٗا وَأَكۡدَىٰٓ} (34)

{ وأعطى قليلا } أعطى شيئا قليلا من المال . { وأكدى } قطع العطاء ؛ من قولهم : أكدى الحافر ، إذا بلغ حفره إلى الكدية – وهي حجر صلب – فلم يمكنه الحفر فانقطع عنه . وكديت أصابعه : إذا كلت من الحفر فلم تعمل شيئا . نزلت في الوليد بن المغير حين همّ بالإسلام بعد أن سمع قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وشهد تلاوة القرآن ، وجلس إلى الرسول ووعظه ؛ فعاتبه أحد المشركين ، وضمن له أن يتحمل عنه عذاب الآخرة إذا أعطاه كذا وكذا من المال ؛ فرجع عما همّ به وأعطى الذي ضمن له بعض المال ثم منعه تمامه .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَأَعۡطَىٰ قَلِيلٗا وَأَكۡدَىٰٓ} (34)

أكدى : قطع العطاء وأمسك وبخِل .

وقد أعطى قليلا من المال ثم قطع عطاءه ،

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَعۡطَىٰ قَلِيلٗا وَأَكۡدَىٰٓ} (34)

فإن سمحت نفسه ببعض الشيء ، القليل ، فإنه لا يستمر عليه ، بل يبخل ويكدى ويمنع .

فإن المعروف ليس سجية له وطبيعة{[906]}  بل طبعه التولي عن الطاعة ، وعدم الثبوت على فعل المعروف ، ومع هذا ، فهو يزكي نفسه ، وينزلها غير منزلتها التي أنزلها الله بها .


[906]:- في ب: فإن الإحسان ليس سجية له وطبعا.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَأَعۡطَىٰ قَلِيلٗا وَأَكۡدَىٰٓ} (34)

قوله تعالى : { وأعطى } صاحبه ، { قليلاً وأكدى } بخل بالباقي . وقال مقاتل : أعطى يعني الوليد قليلاً من الخير بلسانه ، وأكدى : ثم أكدى يعني قطعه وأمسك ولم يقم على العطية . وقال السدي : نزلت في العاص بن وائل السهمي ، وذلك أنه كان ربما يوافق النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأمور . وقال محمد بن كعب القرظي نزلت في أبي جهل وذلك أنه قال : والله ما يأمرنا محمد إلا بمكارم الأخلاق ، فذلك قوله :{ وأعطى قليلاً وأكدى } لم يؤمن به ، ومعنى أكدى : يعني اقطع ، وأصله من الكدية ، وهي حجر يظهر في البئر يمنع من الحفر ، تقول العرب : أكدى الحافر وأجبل ، إذا بلغ في الحفر الكدية والجبل .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَأَعۡطَىٰ قَلِيلٗا وَأَكۡدَىٰٓ} (34)

{ وأعطى قليلا وأكدى } أي قطع ذلك ومنعه

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَأَعۡطَىٰ قَلِيلٗا وَأَكۡدَىٰٓ} (34)

قوله تعالى : " أفرأيت الذي تولى . وأعطى قليلا وأكدى " الآيات{[14410]} لما بين جهل المشركين في عبادة الأصنام ذكر واحدا منهم معينا بسوء فعله . قال مجاهد وابن زيد ومقاتل : نزلت في الوليد بن المغيرة ، وكان قد اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم على دينه فعَيّره بعض المشركين ، وقال : لم تركت دين الأشياخ وضللتهم{[14411]} وزعمت أنهم في النار ؟ قال : إني خشيت عذاب الله ، فضمن له إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الله ، فأعطى الذي عاتبه بعض ما كان ضمن له{[14412]} ثم بخل ومنعه فأنزل الله تعالى هذه الآية . وقال مقاتل : كال الوليد مدح القرآن ثم أمسك عنه فنزل : " وأعطى قليلا " أي من الخير بلسانه " وأكدى " أي قطع ذلك وأمسك عنه . وعنه أنه أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد الإيمان ثم تولى فنزلت : " أفرأيت الذي تولى " الآية . وقال ابن عباس والسدي والكلبي والمسيب ابن شريك : نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يتصدق وينفق في الخير ، فقال له أخوه من الرضاعة عبدالله بن أبي سرح : ما هذا الذي تصنع ؟ يوشك ألا يبقى لك شيء . فقال عثمان : إن لي ذنوبا وخطايا ، وإني أطلب بما أصنع رضا الله تعالى وأرجو عفوه ! فقال له عبدالله : أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها . فأعطاه وأشهد عليه ، وأمسك عن بعض ما كان يصنع من الصدقة فأنزل الله تعالى : " أفرأيت الذي تولى . وأعطى قليلا وأكدى " فعاد عثمان إلى أحسن ذلك وأجمله . ذكر ذلك الواحدي والثعلبي . وقال السدي أيضا : نزلت في العاص بن وائل السهمي ، وذلك أنه كان ربما يوافق النبي صلى الله عليه وسلم . وقال محمد بن كعب القرظي : نزلت في أبي جهل بن هشام ، قال : والله ما يأمر محمد إلا بمكارم الأخلاق ، فذلك قوله تعالى : - " وأعطى قليلا وأكدى " . وقال الضحاك : هو النضر بن الحرث أعطى خمس قلائص لفقير من المهاجرين حين ارتد عن دينه ، وضمن له أن يتحمل عنه مأثم رجوعه .

وأصل " أكدى " من الكدية يقال لمن حفر بئرا ثم بلغ إلى حجر لا يتهيأ له فيه حفر : قد أكدى ، ثم استعملته العرب لمن أعطى ولم يُتَمِّم ، ولمن طلب شيئا ولم يبلغ آخره . وقال الحطيئة :

فأعطى قليلا ثم أكْدَى عطاءَه *** ومن يبذل المعروف في الناس يُحْمَدِ

قال الكسائي وغيره : أكدى الحافر وأجبل إذا بلغ في حفره كدية أو جبلا فلا يمكنه أن يحفر . وحفر فأكدى إذا بلغ إلى الصلب . ويقال : كَدِيَت أصابعه إذا كلت{[14413]} من الحفر . وكَدِيَت{[14414]} يده إذا كلت فلم تعمل شيئا . وأكدى النبت إذا قل ريعه ، وكَدَت الأرض تكدو كَدْواً وكُدُواً فهي كادية إذا أبطأ نباتها ، عن أبى زيد . وأكديت الرجل عن الشيء رددته عنه . وأكدى الرجل إذا قل خيره . وقوله : " وأعطى قليلا وأكدى " أي قطع القليل .


[14410]:من ب ول.
[14411]:في ب وس وهـ: "مللهم".
[14412]:الزيادة من أسباب النزول للواحدي.
[14413]:في ب، ح، ز، س، هـ: "إذا محلت".
[14414]:في النسخ السابقة: "وكدت يده".

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَأَعۡطَىٰ قَلِيلٗا وَأَكۡدَىٰٓ} (34)

{ وأعطى قليلاً وأكدى * } أي قطع ذلك العطاء على مكده وقلته وأبطله وأفسده فصار كالحافر الذي وصل في حفره إلى كدية ، يقال لحافر البئر : أجبل - إذا وصل إلى جبل ، وأكدى - إذا وصل إلى كدية أي صفاة عظيمة شديدة لا تعمل فيها المعاول ، فصار لا يقدر معها على شيء من علمه ، ولا يستطيع النفوذ فيها بشيء من حيله ، وقد كان قبل ذلك لما صادف التراب الليل يظن أنه لا يمنعه مانع مما يريد ، فهذا دليل خبري شهودي على أنه لا علم لأحد من الخلق بما حباه الله في نفسه فضلاً عن غيره ، فلا ينبغي لأحد أن يزكي نفسه ولا غيره ، قيل{[61738]} : نزلت في الوليد بن المغيرة أسلم ثم ارتد لتعيير بعض المشركين له ، وقوله له " ارجع وأنا أتحمل عنك العذاب " وهي تصلح لكل من ارتد ظاهراً أو نافق أو انهمك في المعاصي بعد إيمانه معرضاً عن الأعمال الصالحة .


[61738]:- راجع البحر المحيط 8/ 166.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{وَأَعۡطَىٰ قَلِيلٗا وَأَكۡدَىٰٓ} (34)

{ وأعطى قليلا وأكدى }

{ وأعطى قليلاً } من المال المسمى { وأكدى } منع الباقي مأخوذ من الكدية وهي أرض صلبة كالصخرة تمنع حافر البئر إذا وصل إليها من الحفر .