فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَأَعۡطَىٰ قَلِيلٗا وَأَكۡدَىٰٓ} (34)

{ وأعطى قَلِيلاً وأكدى } أي أعطى عطاءً قليلاً أو أعطى شيئًا قليلاً ، وقطع ذلك وأمسك عنه ، وأصل أكدى من الكدية وهي الصلابة ، يقال لمن حفر بئراً ثم بلغ فيها إلى حجر لا يتهيأ له فيه حفر : قد أكدى ، ثم استعملته العرب لمن أعطى فلم يتمّ ، ولمن طلب شيئًا فلم يبلغ آخره ، ومنه قول الحطيئة :

فأَعطى قليلاً ثم أكْدَى عطاؤه *** ومن يَبْذُلِ المعروف في الناس يحمد

قال الكسائي وأبو زيد ويقال : كديت أصابعه : إذا محلت من الحفر ، وكدت يده : إذا كلت فلم تعمل شيئًا ، وكدت الأرض : إذا قل نباتها ، وأكديت الرجل عن الشيء وددته ، وأكدى الرجل : إذا قلّ خيره . قال الفراء : معنى الآية : أمسك من العطية وقطع . وقال المبرد : منع منعاً شديداً . قال مجاهد وابن زيد ومقاتل : نزلت في الوليد بن المغيرة ، وكان قد اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم على دينه ، فعيره بعض المشركين ، فترك ورجع إلى شركه . قال مقاتل : كان الوليد مدح القرآن ، ثم أمسك عنه فأعطى قليلاً من لسانه من الخير ثم قطعه . وقال الضحاك : نزلت في النضر بن الحارث . وقال محمد بن كعب القرظي : نزلت في أبي جهل .

/خ42