المسألة الرابعة : قوله تعالى : { وأعطى قليلا } ما المراد منه ؟ نقول : على ما تقدم هو المقدار الذي أعطاه الوليد ، وقوله : { وأكدى } هو ما أمسك عنه ولم يعط الكل ، وعلى هذا لو قال قائل إن الإكداء لا يكون مذموما لأن الإعطاء كان بغير حق ، فالامتناع لا يذم عليه ، وأيضا فلا يبقى لقوله { قليلا } فائدة ، لأن الإعطاء حينئذ نفسه يكون مذموما ، نقول فيه بيان خروجهم عن العقل والعرف أما العقل فلأنه منع من الإعطاء لأجل حمل الوزر ، فإنه لا يحصل به ، وأما العرف فلأن عادة الكرام من العرب الوفاء بالعهد ، وهو لم يف به حيث التزم الإعطاء وامتنع ، والذي يليق بما ذكرنا هو أن نقول : تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ، يعني إعطاء ما وجب إعطاؤه في مقابلة ما يجب لإصلاح أمور الآخرة ، ويقع في قوله تعالى : { أعنده علم الغيب } في مقابلة قوله تعالى :
{ ذلك مبلغهم من العلم } أي لم يعلم الغيب وما في الآخرة وقوله تعالى : { أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى ، ألا تزر وازرة وزر أخرى } في مقابلة قوله : { هو أعلم بمن ضل } إلى قوله : { ليجزي الذين أساؤوا } لأن الكلامين جميعا لبيان الجزاء ، ويمكن أن يقال : إن الله تعالى لما بين حال المشركين المعاندين العابدين للات والعزى والقائلين بأن الملائكة بنات الله شرع في بيان أهل الكتاب ، وقال بعدما رأيت حال المشرك الذي تولى عن ذكرنا ، أفرأيت حال من تولى وله كتاب وأعطى قليلا من الزمان حقوق الله تعالى ، ولما بلغ زمان محمد أكدى فهل علم الغيب فقال شيئا لم يرد في كتبهم ولم ينزل عليهم في الصحف المتقدمة ، ووجد فيها بأن كل واحد يؤاخذ بفعله ويجازى بعمله ، وقوله تعالى : { أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى } يخبر أن المتولي المذكور من أهل الكتاب .
المسألة الخامسة : { أكدى } قيل هو من بلغ الكدية وهي الأرض الصلبة لا تحفر ، وحافر البئر إذا وصل إليها فامتنع عليه الحفر أو تعسر يقال : أكدى الحافر ، والأظهر أنه الرد والمنع يقال : أكديته أي رددته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.