قوله : { أَفَرَأَيْتَ الذي تولى } لما بين جهل المشركين في عبادة الأصنام ذكر واحداً منهم معيناً بسوء فعله{[53662]} .
قال مجاهد وابن زيد ومقاتل : نزلت في الوليد بن المغيرة كان قد اتبع النبي - صلى الله عليه وسلم - على دينه فعيَّره بعض المشركين وقالوا له : تركت دين الأشياخ وضللتهم فقال : إنِّي خَشِيتُ عذاب الله فضمن الذي عاتبه إن هو أعطاه كذا من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذابَ الله ، فرجع الوليد إلى الشرك وأعطى الذي عيره بعض ذلك المال الذي ضمن ومنعه تمامه ، فأنزل الله { أَفَرَأَيْتَ الذي تولى } أي أدبر عن الإيمان «وأعطى » صاحبه «قَلِيلاً وأَكْدَى » بخل بالباقي . وقال السدي : نزلت في العاصِ بن وائل السّهمّي ، وذلك أنه ربما وافق النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأمور . وقال محمد بن كعب القرظي : نزلت في أبي جهل وذلك أنه قال : والله ما يأمرنا محمدٌ إلا بمكارم الأخلاق فذلك قوله { وأعطى قَلِيلاً وأكدى } أي لم يؤمن به{[53663]} . ومعنى «أَكْدَى » أي قطع .
قوله : «وَأَكْدَى » أصله من أَكْدَى الحَافِر إذا حَفَرَ{[53664]} شيئاً فصادف كُدْيَةً منعته من الحفر ، ومثله : أَجْبَلَ أي صادف جَبَلاً مَنَعَهُ من الحَفْرِ ، وكَدِيَتْ أَصَابِعُهُ كَلَّتْ من الحفر ، ثم استعمل في كل من طلب شيئاً فلم يصل إليه أو لم يتمِّمه ولمن طلب شيئاً ولم يبلغ آخِرَه{[53665]} . قال الحطيئة :
فَأَعْطَى قَلِيلاً ثُمَّ أَكْدَى عَطَاؤُهُ *** وَمَنْ يَبْذُلِ المَعْرُوفَ فِي النَّاسِ يُحْمَدِ{[53666]}
ويقال : كَدَى{[53667]} النبتُ إِذا قلّ ريعُهُ ، وكَدَتِ الأَرْضُ تَكْدُو كُدُّوا فهي كَادِيَةٌ إذا أبطأ نباتها . عن أبِي زَيْدٍ{[53668]} .
وأَكْدَيْتُ الرَّجُلَ عن الشيء رَدَدْتُهُ . وأَكْدَى الرَّجُلُ إذَا قَلَّ خَيْرُهُ ، فقوله : { وأعطى قَلِيلاً وأكدى } أي قطع القليل .
و«أَرَأَيْتَ » بمعنى أخبرني . وقوله : «الَّذِي » يعود إلى الوليد ( بنِ المُغِيرة ) قال ابن الخطيب : والظاهر أنه يعود إلى المتولّي في قوله : { فَأَعْرِضْ عَمَّن تولى } .
فإن قيل : كان ينبغي أن يقول : الذين تولوا لأن ( مَنْ ) للعموم ؟ .
فالجواب : إن العود إلى اللفظ كقوله تعالى : { مَن جَاءَ بالحسنة فَلَهُ } [ الأنعام : 160 ] ولم يقل : فلهم{[53669]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.