{ كلا } أي ما الأمر كما تفعل ! وهو مبالغة في إرشاده صلى الله عليه وسلم إلى عدم معاودة ما عوتب عليه . روي أنه صلى الله عليه وسلم ما عبس بعد ذلك في وجه فقير قط ، ولا تصدى لغني قط ! . وعن سفيان الثوري : أن الفقراء كانوا في مجلسه أمراء .
{ إنها تذكرة } أي إن آيات القرآن موعظة يجب أن يتعظ بها ويعمل بموجبها . وفيه تعريض بمن استغنى عنها .
قوله تعالى : " كلا " كلمة ردع وزجر ، أي ما الأمر كما تفعل مع الفريقين ، أي لا تفعل بعدها مثلها : من إقبالك على الغني ، وإعراضك عن المؤمن الفقير . والذي جرى من النبي صلى الله عليه وسلم كان ترك الأولى كما تقدم ، ولو حمل على صغيرة لم يبعد . قاله القشيري . والوقف على " كلا " على هذا الوجه : جائز . ويجوز أن تقف على " تلهي " ثم تبتدئ " كلا " على معنى حقا . " إنها " أي السورة أو آيات القرآن " تذكرة " أي موعظة وتبصرة للخلق " فمن شاء ذكره " أي اتعظ بالقرآن . قال الجُرجاني : " إنها " أي القرآن ، والقرآن مذكر إلا أنه لما جعل القرآن تذكرة ، أخرجه على لفظ التذكرة ، ولو ذكره لجاز ، كما قال تعالى في موضع آخر : " كلا إنه تذكرة " .
ولما كان العتاب الذي هو من شأن{[71639]} الأحباب ملوحاً بالنهي عن الإعراض عمن وقع العتاب عليه ، وكل من كان حاله كحاله والتشاغل عن راغب ، صرح به فقال : { كلا } أي لا تفعل ذلك أصلاً فإن الأمر في القضاء والقدر ليس على ما يظن العباد ولا هو جار على الأسباب التي تعرفونها بل هو من وراء علومهم على حكم تدق عن أفكارهم {[71640]}وفهومهم{[71641]} : ثم علل ذلك فقال مؤكداً لإنكارهم ذلك ، { إنها } أي القرآن ، ولعله أنث الضمير باعتبار ما تلي عليهم في ذلك المجلس{[71642]} من الآيات {[71643]}أو السور{[71644]} { تذكرة } أي تذكرهم تذكيراً عظيماً بما{[71645]} إن تأملوه شاهدوه في أنفسهم وفي الآفاق{[71646]} ، ليس فيه شيء إلا وهم{[71647]} يعرفونه لو أقبلوا بكليتهم عليه ، فما على المذكر بها غير البلاغ ، فمن أقبل عليه فأهلاً وسهلاً ، ومن أعرض فبعداً له-{[71648]} وسحقاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.