صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ مَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتۡرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّقۡتَدُونَ} (23)

{ وكذلك } أي الأمر كما ذكر من عجزهم عن الحجة وتمسكهم بالتقليد الباطل . وقوله{ ما أرسلنا . . . } استئناف مبين لذلك ، دال على أن التقليد فيما بينهم ضلال قديم ؛ ليس لأسلافهم أيضا مستند غيره . { قال مترفوها } منعموها ، وهم الرؤساء والطغاة الذين صرفهم التنعم وحب البطالة عن النظر إلى التقليد . جمع مترف . يقال : ترف – كفرح – تنعم . وأترفته النعمة : أطغته .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ مَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتۡرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّقۡتَدُونَ} (23)

وفي الآية الأخرى " مقتدون " أي نقتدي بهم ، والمعنى واحد . قال قتادة : مقتدون متبعون . وفي هذا دليل على إبطال التقليد ؛ لذمه إياهم على تقليد آبائهم وتركهم النظر فيما دعاهم إليه الرسول صلى الله عليه وسلم . وقد مضى القول في هذا في " البقرة " مستوفى{[13611]} . وحكى مقاتل أن هذه الآية نزلت في الوليد بن المغيرة وأبي سفيان وأبي جهل وعتبة وشيبة بني ربيعة من قريش ، أي وكما قال هؤلاء فقد قال من قبلهم أيضا . يعزي نبيه صلى الله عليه وسلم ، ونظيره : " ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك " {[13612]} [ فصلت : 43 ] . والمترف : المنعم ، والمراد هنا الملوك والجبابرة .


[13611]:راجع ج 2 ص 211 فما بعدها، طبعة ثانية.
[13612]:آية 3: سورة فصلت.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَكَذَٰلِكَ مَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتۡرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّقۡتَدُونَ} (23)

قوله : { وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلاّ قال مترفوها إنّا وجدنا آباءنا على أمّة } أي مثل الذي فعله هؤلاء المشركون من قومك فعل من كان قبلهم من المشركين السابقين وقالوا مثل قولهم . وبيان ذلك : أننا ما أرسلنا إلى أهل قرية من رسول ينذرهم سوء العذاب ويحذرهم عقاب الله وغضبه إلا قال لهم المترفون وهم ههنا أشراف القوم وسادتهم وكبراؤهم في الكفر والضلال –قالوا : إنا وجدنا آباءنا على ملة ودين ونحن مقتفون آثارهم في ذلك ومتبعوهم في منهاجهم وطريقتهم فنفعل كما فعلوا ونعبد ما كانوا يعبدون ، فهم بذلك مقلدون في الباطل لا ينفكون عن اتباع الآباء والأجداد في مللهم وعبادتهم وليس لهم في ذلك من حجة ولا برهان .