السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَكَذَٰلِكَ مَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتۡرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّقۡتَدُونَ} (23)

ثم أخبر تعالى أن غيرهم قال هذه المقالة بقوله سبحانه : { وكذلك } أي : ومثل هذه المقالة المتناهية في البشاعة فعلت الأمم الماضية مع إخوانك الأنبياء عليهم السلام ثم فسر ذلك بقوله تعالى : { ما أرسلنا } أي : مع ما لنا من العظمة { من قبلك } أي : في الأزمنة السالفة { في قرية } وأغرق في النفي بقوله تعالى : { من نذير } وبين به أن موضع الكراهة والخلاف الإنذار على مخالفة الأهواء { إلا قال مترفوها } أي : أهل الترفه بالضم وهي النعمة والطعام الطيب والشيء الظريف يكون خاصاً بالمترف وذلك موجب لقلة الهم وللراحة والبطالة { إنا وجدنا آباءنا } أي : وهم أعرف منا بالأمور { على أمة } أي : أمر جامع يستحق أن يقصد ويؤم ثم أكدوا كما أكد هؤلاء فقالوا : { وإنا على آثارهم } أي : لا على غيرها { مقتدون } أي : راكبون سنن طريقتهم لازمون لها ففي هذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم .