اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَكَذَٰلِكَ مَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ فِي قَرۡيَةٖ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتۡرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدۡنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٖ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَٰرِهِم مُّقۡتَدُونَ} (23)

ثم بين أن تمسك الجهال بالتقليد أمر كان حاصلاً من قديم الزمان فقال : { وَكَذَلِكَ مَآ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا وَجَدْنَآ آبَآءَنَا على أُمَّةٍ وَإِنَّا على آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ }{[49742]} ، قوله : أمه العامة على ضم الهمزة بمعنى الطريقة والدين قال قَيْسُ بن الخَطيم :

4399 كُنَّا عَلَى أُمَّةِ آبَائِنَا *** وَيَقْتَدِي بالأَوَّلِ الآخرُ{[49743]}

أي على طرقتهم ، وقال آخر :

4400 هل يَسْتَوِي ذُو أمَّةٍ وَكَفُور{[49744]} *** . . .

أي ذو دين . وقرأ مجاهدٌ وقتادةٌ وعمرُ بنُ العَزِيزِ بالسكر{[49745]} .

قال الجوهري : ( هي{[49746]} الطريقة الحسنة لغة في أمَّةٍ{[49747]} بالضم قال الزمخشري ) : كلتاهما من الأَمِّ وهو القصد ، والأُمَّة الطريقة التي تؤم كالرحلة للمرحول إليه ، والإمّة الحالة ( التي{[49748]} ) يكون عليها الآمّ وهو القاصد{[49749]} . وقرأ ابن عباس بالفتح وهي المرة من الأم{[49750]} ، والمراد بها القصد والحال .

فصل

المراد بالمترفين الأغنياء والرؤساء . والمُتْرَفُ هو الذي آثر النعمة ، فلا يحب إلا الشهوات والملاهي ويبغض المشاق في طلب الحق . وإذا عرف ذلك علمنا أن رأس جميع الآفات حب الدنيا واللذات الجسمانية ورأس جميع الخيرات هو حب الله تعالى ، والدار الآخرة ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام «حُبُّ الدُّنْيَا رَأْسُ كُلِّ خَطِيئَة » .


[49742]:وانظر ما سبق في تفسير الرازي بالمعنى 27/205 و206.
[49743]:من السريع وهو لقيس كما أخبر أعلى، وليس في ديوانه. وشاهده: أن أمة ـ بضم الأول وفتح الثاني مشددا ـ بمعنى الطريقة والدين وانظر الدر المصون 4/777، والبحر المحيط 8/11 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي 16/74.
[49744]:ذكر هكذا في اللسان والقرطبي، والدر والبحر المرجع السابق هو نصف بيت لم أعثر على تتمة له، ويبدو أنه من الطويل، والشاهد: أمة بمعنى الدين فلا يتساوى ذو دين بكافر والعياذ بالله. وانظر البيت في الدر المصون 4/778 والقرطبي 16/75 ولسان العرب أمم 132 والبحر المحيط 8/11.
[49745]:ذكرت في مختصر ابن خالويه 135، كما ذكرها الفراء في المعاني 3/30.
[49746]:ما بين القوسين سقط من ب كلية بسبب انتقال النظر.
[49747]:الصحاح أم م 5/1846.
[49748]:سقط من ب.
[49749]:انظر الكشاف 3/484 وانظر أيضا اللسان أمم.
[49750]:قراءة شاذة هي وسابقتها ذكرها ابن خالويه في المختصر 135 قال: فتحتمل هذه القراءة على وجهين الطريقة الحسنة والنعمة، وانظر أيضا البحر المحيط 8/11.