{ إن كتاب الأبرار . . . } أي إن ما يكتب من أعمالهم الحسنة – لمثبت في ديوان الخير الجامع لأعمال صلحاء الثقلين . وعليين : اسم لذلك الديوان ؛ فهو مفرد كقنسرين . منقول من جمع علي بصيغة فعيل من العلو ؛ أنه سبب الارتفاع إلى أعالي الدرجات في الجنة . أو أن ما يكتب من أعمالهم لفي أعلى الأماكن وأرفعها لشرفها .
{ 18 - 27 } { كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ * إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ }
لما ذكر أن كتاب الفجار في أسفل الأمكنة وأضيقها ، ذكر أن كتاب الأبرار في أعلاها وأوسعها ، وأفسحها وأن كتابهم المرقوم { يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ } من الملائكة الكرام ، وأرواح الأنبياء ، والصديقين والشهداء ، وينوه الله بذكرهم في الملأ الأعلى ، و { عليون } اسم لأعلى الجنة ،
{ إن كتاب الأبرار لفي عليين } عليون اسم علم للكتاب الذي تكتب فيه الحسنات وهذا جمع منقول من صفة على ، على وزن فعيل للمبالغة وقد عظمه بقوله : { وما أدراك ما عليون } ثم فسره بقوله : { كتاب مرقوم } وهو مشتق من العلو لأنه سبب في ارتفاع الدرجات في الجنة ، أو لأنه مرفوع في مكان علي فقد روي : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه تحت العرش ، وقال ابن عباس : هو الجنة وارتفع .
ولما كان هذا ربما أفهم أنهم يرون جميع عذابهم إذ ذاك ، نفاه بقوله : { كلا } أي ليس هو المجموع بل هو فرد{[72223]} من الجنس فلهذا عمل عليه الجنس وهو نزلهم والأمر أطم وأعظم من أن يحيط به الوصف . ولما ذكر ما للمكذبين من العذاب الذي جره{[72224]} إليهم إقبالهم على الدنيا بادئاً به لأن المقام من أول السورة للوعيد وصوادع التهديد ، أتبعه ما للمصدقين الذين أقبل بهم إلى السعادة ترك الحظوظ وإعراضهم عن عاجل شهوات الدنيا ، فقال مؤكداً لأجل تكذيبهم : { إن كتاب الأبرار } أي صحيفة حسنات الذين هم في غاية الاتساع في شرح صدورهم ، واتساع عقولهم وكثرة أعمالهم {[72225]}وزكائها{[72226]} وغير ذلك من محاسن أمورهم { لفي علييّن * } أي أماكن منسوبة إلى العلو ، وقع النسب أولاً إلى فعليّ ثم جمع وإن كان-{[72227]} لا واحد له من لفظه كعشرين وأخواته ، قال الكسائي : إذا جمعت العرب ما لا يذهبون فيه إلى أن له بناء من واحد واثنين فإنهم يجمعون بالواو والنون في المذكر والمؤنث - انتهى ، فهي درجات متصاعدة تصعد إلى الله ولا تحجب عنه كما يحجب ما للأشقياء بعضها{[72228]} فوق بعض-{[72229]} إلى ما لا نهاية له بحسب رتب الأعمال ، وكل من كان كتابه من الأبرار في مكان لحق به كما أن من كان كتابه من الفجار{[72230]} في سجين لحق به ، قال الرازي في اللوامع : من ترقى علمه عن الحواس والأوهام وفعله عن مقتضى الشهوة{[72231]} والغضب فهو حقيق بأن يكون عليّاً ، ومن كان علمه وإدراكه مقصوراً على الحواس والخيال والأوهام وفعله على مقتضى الشهوات البهيمية فهو حقيق بأن يكون في سجين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.