معاني القرآن للفراء - الفراء  
{كَلَّآ إِنَّ كِتَٰبَ ٱلۡأَبۡرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ} (18)

وقوله عز وجل : { كَلاَّ إِنَّ كِتَابَ الأَبْرَارِ لَفِي علِّيِّينَ } .

يقول القائل : كيف جمعت ( عِلِّيون ) بالنون ، وهذا من جمع الرجال ؛ فإن العرب إذا جمعت جمعا لا يذهبون فيه إلى أن له بناءً من واحد واثنين ، فقالوه في المؤنث ، والمذكر بالنون ، فمن ذلك هذا ، وهو شيء فوق شيء غير معروف واحده ولا أثناه .

وسمعتُ بعضَ العرب يقول : أَطْعَمَنا مرقة مَرَقَيْن يريد : الألحُمَ إذا طبخت بمرق .

قال ، وقال الفراء مرة أخرى : طبخت بماء واحد . قال الشاعر :

قد رَوِيَتْ إلا الدُّهَيْدِهينا *** قُلَيِّصاتٍ وأُبَيْكِرينَا

فجمع بالنون ؛ لأنه أراد : العدد الذي لا يُحَدُّ ، وكذلك قول الشاعر :

فأصبحت المذَاهِبُ قد أذاعت *** بِهَا الإعصارُ بعد الوابلينا

أراد : المطر بعد المطر غير محدود . ونرى أن قول العرب :

عشرون ، وثلاثون ؛ إذ جعل للنساء وللرجال من العدد الذي يشبه هذا النوع ، وكذلك عليّون : ارتفاعٌ بعد ارتفاع ؛ وكأنه لا غاية له .