النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{۞فَلَآ أُقۡسِمُ بِمَوَٰقِعِ ٱلنُّجُومِ} (75)

{ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } فيه وجهان :

أحدهما : أنه إنكار أن يقسم الله بشيء من مخلوقاته ، قال الضحاك : إن الله لا يقسم بشىء من خلقه ولكنه استفتاح يفتتح به كلامه .

الثاني : أنه يجوز أن يقسم الخالق بالمخلوقات تعظيماً من الخالق لما أقسم به من مخلوقاته .

فعلى هذا في قوله : { فَلاَ أُقْسِمُ } وجهان :

أحدهما : أن " لا " صلة زائدة ، ومعناه أقسم .

الثاني : أن قوله : { فَلاَ } راجع إلى ما تقدم ذكره ، ومعناه فلا تكذبوا ولا تجحدوا ما ذكرته من نعمة وأظهرته من حجة ، ثم استأنف كلامه فقال : { أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } .

وفيها ستة أقاويل :

أحدها : أنها مطالعها ومساقطها ، قاله مجاهد .

الثاني : انتشارها يوم القيامة وانكدارها ، قاله الحسن .

الثالث : أن مواقع النجوم السماء ، قاله ابن جريج .

الرابع : أن مواقع النجوم الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا قالوا : مطرنا بنوء كذا ، قاله الضحاك ، ويكون قوله : { فلا أقسم } مستعملاً على حقيقته في نفي القسم بها .

الخامس : أنها نجوم القرآن أنزلها الله من اللوح المحفوظ من السماء العليا إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا ، فنجمه السفرة على جبريل عشرين ليلة ، ونجمه جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم عشرين{[2894]} سنة ، فهو ينزله على الأحداث في أمته ، قاله ابن عباس والسدي .

السادس{[2895]} : أن مواقع النجوم هو محكم القرآن ، حكاه الفراء عن ابن مسعود .


[2894]:ولكن المعروف بالتواتر أن القرآن نزل في ثلاث وعشرين سنة.
[2895]:في ك: الثالث وهو سهو.