ويأمر الله الملائكة أن تُميزَ الكفار من المؤمنين في الموقف في محشرهم ومنشرهم . ولهذا قال تعالى : { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ }قال النعمان بن بشير{[24926]} رضي الله عنه ، يعني بأزواجهم أشباههم وأمثالهم . وكذا قال ابن عباس ، وسعيد بن جُبَيْر ، وعِكْرِمة ومجاهد ، والسُّدِّي ، وأبو صالح ، وأبو العالية ، وزيد بن أسلم [ وغيرهم ]{[24927]} .
وقال سفيان الثوري ، عن سمَاك ، عن النعمان بن بشير ، {[24928]} عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ } قال إخوانهم :{[24929]} .
وقال شريك ، عن سماك ، عن النعمان قال : سمعت عمر يقول { احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ } قال : أشباههم قال : يجيء صاحب الربا مع أصحاب الربا ، وصاحب{[24930]} الزّنا مع أصحاب الزّنا ، وصاحب{[24931]} الخمر مع أصحاب الخمر ، وقال خُصَيْف ، عن مِقْسَم ، عن ابن عباس : { أَزْوَاجَهُمْ } : نساءهم . وهذا غريب ، والمعروف عنه الأول ، كما رواه مجاهد وسعيد بن جبير ، عنه : { أَزْوَاجَهُمْ } : قُرَناءهم{[24932]} .
{ وما كانوا يعبدون من دون الله } أي : من الأصنام والأنداد ، تحشر معهم في أماكنهم . وقوله : { فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ } أي : أرشدوهم إلى طريق جهنم ، وهذا كقوله تعالى : { وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا } [ الإسراء : 97 ] .
والضمير المنصوب في { فَاهْدُوهُم } عائد إلى { الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله ، } أي الأصنام . وعطف { فَاهدُوهُم } بفاء التعقيب إشارة إلى سرعة الأمر بهم إلى النار عقب ذلك الحشر فالأمر بالأصالة في القرآن .
والهداية والهَدي : الدلالة على الطريق لمن لا يعرفه ، فهي إرشاد إلى مرغوب وقد غلبت في ذلك ، لأن كون المهديّ راغباً في معرفة الطريق من لوازم فعل الهداية ولذلك تقابل بالضلالة وهي الحيرة في الطريق ، فذكر { اهدوهم } هنا تهكّم بالمشركين ، كقول عمرو بن كلثوم :
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{من دون الله} يعني إبليس وجنده.
{فاهدوهم إلى صراط} يعني: ادعوهم إلى طريق {الجحيم} والجحيم ما عظم الله عز وجل من النار...
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
[نص مكرر لاشتراكه مع الآية 22]
وفي هذا الكلام متروك استغني بدلالة ما ذُكر عما ترك، وهو: فيقال:"احشروا الذين ظلموا"، ومعنى ذلك: اجمعوا الذين كفروا بالله في الدنيا وعصوه وأزواجهم وأشياعهم على ما كانوا عليه من الكفر بالله وما كانوا يعبدون من دون الله من الآلهة... عن عمر بن الخطاب "احْشُرُوا الّذِينَ ظَلَمُوا وأزْوَاجَهُمْ "قال: ضُرَباءهم...
عن ابن عباس "احْشُرُوا الّذِينَ ظَلَمُوا وأزْوَاجَهُمْ "يقول: نظراءهم... يعني: أتباعهم، ومن أشبههم من الظلمة... عن مجاهد، قوله: "وأزْوَاجَهُمْ" قال: أمثالهم.
وقوله: "وَما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ فاهْدُوهُمْ إلى صِراطِ الجَحِيمِ" يقول تعالى ذكره: احشروا هؤلاء المشركين وآلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله، فوجّهوهم إلى طريق الجحيم.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
إنما عبر عن ذلك بالهداية من حيث كان بدلا من الهداية إلى الجنة، كما قال "فبشرهم بعذاب أليم".
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
{فاهدوهم} معناه: قوموهم واجعلوهم على طريق الجحيم.
{الجحيم} طبقة من طبقات جهنم يقال إنها الرابعة...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
أشار إلى سفول رتبة معبوداتهم وتسفيه آرائهم، بانتحال الأذى بقوله صارفاً الأسلوب من المتكلم ولو بمظهر العظمة إلى أعظم منه: {من دون الله} أي الذي تفرد بنعوت العظمة وصفات الكمال، والمراد الذين رضوا بعبادتهم لهم ولم ينكروا عليهم ذلك ويأمروهم بتوحيد الله.
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي 1270 هـ :
{فاهدوهم إلى صراط الجحيم} فعرفوهم طريقها وأروهم إياه.
الجحيم... من الجحمة شدة تأجج النار.
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
فاجمعوهم جميعا {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ}: سوقوهم سوقا عنيفا إلى جهنم.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
ما أعجبها من هداية خير منها الضلال، وإنها لهي الرد المكافى ء لما كان منهم من ضلال عن الهدى القويم، وإذ لم يهتدوا في الدنيا إلى الصراط المستقيم، فليهتدوا اليوم إلى صراط الجحيم! وها هم أولاء قد هدوا، هدوا إلى صراط الجحيم.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
عطف {فَاهدُوهُم} بفاء التعقيب، إشارة إلى سرعة الأمر بهم إلى النار عقب ذلك الحشر.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
(احشروا) مشتقّة من (حشر)، ويقول الراغب في مفرداته: إنّها تعني إخراج الجماعة عن مقرّهم، وإزعاجهم عنه إلى الحرب ونحوها، وهذه الكلمة تأتي بمعنى «تجميع» في الكثير من الحالات.
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.