قوله : { احشروا الذين ظَلَمُواْ } هذا من كلام الملائكة والمراد اجْمَعُوا الذين أشركوا إلى الموقف للحساب والجزاء .
فإن قيل : ما معنى احشروا مع أنهم قد حشروا من قبل وحَضَروا مَحْفِل القيامة وقالوا : هذا يوم الدين وقالت الملائكة لهم : بل هذا يوم الفصل ؟
أجاب القاضي{[46889]} عنه وقال : المراد احشروهم إلى دار الجزاء وهي النار ، ولذلك قال بعده : «فَاهْدُوهُمْ إلى صِرَاطِ الجَحِيم » «فَاهْدُوهُمْ إلى صِرَاطِ الجَحِيم » أي دُلُّوهُمْ على ذلك الطريق ، ثم سأل نفسه وقال : كيف يصح ذلك وقد قال بعده{[46889]} : «وَقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسؤُولُونَ » ومعلوم أن ( مَ ){[2]} حْشَرَهُمْ إلى الجحيم إنما يكون بعد المسألة وأجاب بأنه ليس في العطف بحرف الواو ترتيب ولا يمتنع أن يقال احْشُرُوهُمْ وقِفُوهم مع أنا بعقولنا نعلم أن الوقوف كان قبل الحشر . قال ابن الخطيب : وعندي فيه وجه آخر وهو أن يقال : إنهم إذا قاموا من قبورهم لم يَبْعُدْ أن يقفوا هناك لحيرَةٍ تَلْحَقُهُمْ لمعاينتهم أهوالَ القيامة ، ثم إن الله تعالى يقول للملائكة : احشروا الذين ظلموا واهدوهم إلى صراط الجحيم ، أي سُوقُوهم إلى طريق جهنم وقفوهم هناك ويحصل السؤال هناك ثُمّ ( مِنْ ) هنا ( ك ){[3]} يساقون إلى النار .
قوله : { وَأَزْوَاجَهُمْ } العامة على نصب وفيه وجهان :
والثاني : أنه مفعول معه{[4]} . قال أبو البقاء : وهو في المعنى أقوى{[5]} ، وإنما قال في المعنى لأنه في الصناعة ضعيف لأنه أمكن العطف فلا يُعْدَلُ عنه{[6]} ، وقرأ عيسَى بْنُ سُلَيْمَانَ الحِجَازيّ{[7]} بالرفع عطفاً على ضمير «ظَلموا »{[8]} . وهو ضعيف لعدم العامل{[9]} ، وقوله : { وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ } لا يجوز فيه هذا لأنه لا ينسب إليهم ظلم إن لم يرد{[10]} بهم الشياطين وإن أريد بهم ذلك جاز فيه الرفع أيضاً على ما تقدم . {[11]}
قوله : { إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } العامة على الكسر على الاستئناف المفيد{[12]} للعلة ، وقرئ بفتحها{[13]} على حذف لام العلة أي قِفُوهُمْ لأجْل سُؤَال الله إيَّاهم .
المراد بالأزواج أشباههم وأمثالهم وأتباعهم . قال قتادة والكلبي : كل من عمل مثل عملهم فأهل الخمر مع أهل الخمر وأهل الزنا مع أهل الزنا واليهوديّ مع اليهوديّ والنَّصْرَانيّ مع النصراني لقوله تعالى :
{ وَكُنتُمْ أَزْوَاجاً ثَلاَثَةً } [ الواقعة : 7 ] أي أشكالاً وأشباهاً ، وتقول «عندي من هذا أزواج » أي أمثال ، وتقول : زَوْجَان من الخُفِّ لأن كل واحد منهما نظير الآخر وكذلك الرجل والمرأة يُسَمَّيَانِ زَوْجَيْنِ متشابهين ، وكذلك العدد الزوج{[14]} ، وقال الضحاك ومقاتل قرناؤهم من السوء الشياطين كل كافر مع شيطانه في سلسلة . وقال الحسن : أزواجهم : المشركات{[15]} ، وما كانوا يعبدون من دون الله في الدنيا يعني الأوثان والطواغيت . وقال مقاتل : يعني إبليسَ وجنودَه لقوله : «ألاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ » . «فاهْدُوهم إٍلى صراط الجحيم » ، قال ابن عباس : دلوهم إلى طريق{[16]} النَّارِ . وقال ابن كيسان والأَصَمّ{[17]} : قدموهم{[18]} والعرب تسمي السابق هادياً . قال الواحدي{[19]} : وهذا وهم لأنه يقال هَدَى إذا تقدم ومنه الهَادِيَةُ والهَوَادِي ، وهَادِيَاتُ الوحش ، ولا يقال هَدَى بمعنى قدم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.