المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{يَتَخَٰفَتُونَ بَيۡنَهُمۡ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا عَشۡرٗا} (103)

103- يتهامسون فيما بينهم في ذلة واضطراب عن قِصَر الحياة الدنيا ، حتى كأنهم لم ينعموا بها ، ولم يلبثوا فيها إلا عشرة أيام .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَتَخَٰفَتُونَ بَيۡنَهُمۡ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا عَشۡرٗا} (103)

قوله تعالى : { يتخافتون بينهم } ، أي يتشاورون بينهم ويتكلمون خفية ، { إن لبثتم } أي : ما مكثتم في الدنيا ، { إلا عشراً } أي : عشر ليال . وقيل : في القبور . وقيل : في النفختين ، وهو أربعون سنة ، لأن العذاب يرفع عنهم بين النفختين . استقصروا مدة لبثهم لهول ما عاينوا .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَتَخَٰفَتُونَ بَيۡنَهُمۡ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا عَشۡرٗا} (103)

يتناجون بينهم ، ويتخافتون في قصر مدة الدنيا ، وسرعة الآخرة ، فيقول بعضهم : ما لبثتم إلا عشرة أيام ، ويقول بعضهم غير ذلك ، والله يعلم تخافتهم ، ويسمع ما يقولون

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{يَتَخَٰفَتُونَ بَيۡنَهُمۡ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا عَشۡرٗا} (103)

التخافت : الكلام الخفي من خوف ونحوه . وتخافتهم لأجل ما يملأ صدورهم من هول ذلك اليوم كقوله تعالى : { وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همساً } [ طه : 108 ] .

وجملة { إن لَّبِثْتُم إلاَّ عَشْراً } مبيّنة لجملة { يتخافتون } ، وهم قد علموا أنهم كانوا أمواتاً ورفاتاً فأحياهم الله فاستيقنوا ضلالهم إذ كانوا ينكرون الحشر .

ولعلهم أرادوا الاعتذار لخطئهم في إنكار الإحياء بعد انقراض أجزاء البدن مبالغة في المكابرة ، فزعموا أنهم ما لبثوا في القبور إلاّ عشرَ ليال فلم يصيروا رفاتاً ، وذلك لما بقي في نفوسهم من استحالة الإحياء بعد تفرق الأوصال ، فزعموا أن إحياءهم ما كان إلا بردّ الأرواح إلى الأجساد . فالمراد باللبث : المكث في القبور ، كقوله تعالى : { قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم } في سورة المؤمنين ( 112 ، 113 ) ، وقوله { ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون } في سورة الروم ( 55 ) .

و ( إذ ) ظرف ، أي يتخافتون في وقت يقول فيه أمثلهم طريقةً . والأمثل : الأرجح الأفضل . والمَثالة : الفضل ، أي صاحب الطريقة المثلى لأن النسبة في الحقيقة للتمييز .

والطريقة : الحالة والسنّة والرأي ، والمراد هنا الرأي ، وتقدم في قوله { ويذهبا بطريقتكم المثلى } [ طه : 63 ] في هذه السورة ، ولم يأت المفسرون في معنى وصف القائل { إن لبثتم إلا يوماً } بأنه أمثل طريقة بوجه تطمئن له النفس .

والذي أراه : أنه يحتمل الحقيقة والمجاز ؛ فإن سلكنا به مسلك الحمل على الحقيقة كان المعنى أنه أقربهم إلى اختلاق الاعتذار عن خطئهم في إنكارهم البعث بأنهم ظنوا البعث واقعاً بعد طول المكث في الأرض طولاً تتلاشى فيه أجزاء الأجسام ، فلما وجدوا أجسادهم كاملة مثل ما كانوا في الدنيا قال بعضهم { إن لبثتم إلا عشراً } ، فكان ذلك القول عذراً لأن عشر الليالي تتغيّر في مثلها الأجسام . فكان الذي قال { إن لبثتم إلا يوماً } أقرب إلى رواج الاعتذار . فالمراد : أنه الأمثل من بينهم في المعاذير ، وليس المراد أنه مصيب .

وإن سلكنا به مسلك المجاز فهو تهكم بالقائل في سوء تقديره من لبثهم في القبور ، فلما كان كلا التقديرين متوغّلاً في الغلظ مؤذناً بجهل المقدّرين واستِبهام الأمر عليهم دالاً على الجهل بعظيم قدرة الله تعالى الذي قَضّى الأزمانَ الطويلة والأممَ العظيمة وأعادهم بعد القرون الغابرة ، فكان الذي قدر زمن المكث في القبور بأقلِّ قَدْر أوغل في الغلط فعُبر عنه ب { أمْثَلُهُم طَرِيقَةً } تهكماً به وبهم معاً إذ استوى الجميع في الخطأ .