{ 9 } { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحِينَ }
أي : من آمن باللّه وعمل صالحا ، فإن اللّه وعده أن يدخله الجنة في جملة عباده الصالحين ، من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، كل على حسب درجته ومرتبته عند اللّه ، فالإيمان الصحيح والعمل الصالح عنوان على سعادة صاحبه ، وأنه من أهل الرحمن ، والصالحين من عباد اللّه تعالى .
ويفصل ما بين المؤمنين والمشركين . فإذا المؤمنون أهل ورفاق ، ولو لم يعقد بينهم نسب ولا صهر :
( والذين آمنوا وعملوا الصالحات لندخلنهم في الصالحين ) . .
وهكذا يعود الموصولون بالله جماعة واحدة ، كما هم في الحقيقة ؛ وتذهب روابط الدم والقرابة والنسب والصهر ، وتنتهي بانتهاء الحياة الدنيا ، فهي روابط عارضة لا أصيلة ، لانقطاعها عن العروة الوثقى التي لا انفصام لها .
روى الترمذي عند تفسير هذه الآية أنها نزلت في سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - وأمه حمنة بنت أبي سفيان ، وكان بارا بأمه . فقالت له : ما هذا الدين الذي أحدثت ? والله لا آكل ولا أشرب حتى ترجع إلى ما كنت عليه أو أموت ، فتتعير بذلك أبد الدهر ، يقال : يا قاتل أمه . ثم إنها مكثت يوما وليلة لم تأكل ولم تشرب ، فجاء سعد إليها وقال : يا أماه لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني ، فكلي إن شئت ، وإن شئت فلا تأكلي . فلما أيست منه أكلت وشربت . فأنزل الله هذه الآية آمرا بالبر بالوالدين والإحسان إليهما ، وعدم طاعتهما في الشرك .
وهكذا انتصر الإيمان على فتنة القرابة والرحم ؛ واستبقي الإحسان والبر . وإن المؤمن لعرضة لمثل هذه الفتنة في كل آن ؛ فليكن بيان الله وفعل سعد هما راية النجاة والأمان .
فجملة { والذين ءامنوا وعملوا الصالحات لَنُدْخِلَنّهم في الصالحين } تصريح ببعض ما أفادته الكناية التي في قوله { فأنبئكم بما كنتم تعملون } ، اهتماماً بجانب جزاء المؤمنين . وقد أشير إلى شرف هذا الجزاء بأنه جزاء الصالحين الكاملين كقوله { فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين } [ النساء : 69 ] ؛ ألا ترى إلى قول سليمان { وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين } [ النمل : 19 ] .
ومن لطيف مناسبة هذا الظرف في هذا المقام أن المؤمن لما أمر بعصيان والديه إذا أمراه بالشرك كان ذلك مما يثير بينه وبين أبويه جفاء وتفرقة فجعل الله جزاءً عن وحشة تلك التفرقة أُنساً بجعله في عداد الصالحين يأنس بهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.