معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّهَا تَذۡكِرَةٞ} (11)

{ كلا } زجر ، أي لا تفعل بعدها مثلها ، { إنها } يعني هذه الموعظة . وقال مقاتل : آيات القرآن ، { تذكرة } موعظة وتذكير للخلق .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّهَا تَذۡكِرَةٞ} (11)

يقول تعالى : { كَلَّا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ } أي : حقا إن هذه الموعظة تذكرة من الله ، يذكر بها عباده ، ويبين لهم في كتابه ما يحتاجون إليه ، ويبين الرشد من الغي ، فإذا تبين ذلك

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّهَا تَذۡكِرَةٞ} (11)

1

ثم ترتفع نبرة العتاب حتى لتبلغ حد الردع والزجر : ( كلا ! ) . . لا يكن ذلك أبدا . . وهو خطاب يسترعي النظر في هذا المقام .

ثم يبين حقيقة هذه الدعوة وكرامتها وعظمتها ورفعتها ، واستغناءها عن كل أحد . وعن كل سند وعنايتها فقط بمن يريدها لذاتها ، كائنا ما كان وضعه ووزنه في موازين الدنيا : ( إنها تذكرة . فمن شاء ذكره . في صحف مكرمة . مرفوعة مطهرة . بأيدي سفرة . كرام بررة . ) . . فهي كريمة في كل اعتبار . كريمة في صحفها ، المرفوعة المطهرة الموكل بها السفراء من الملأ الأعلى ينقلونها إلى المختارين في الأرض ليبلغوها . وهم كذلك كرام بررة . . فهي كريمة طاهرة في كل ما يتعلق بها ، وما يمسها من قريب أو من بعيد . وهي عزيزة لا يتصدى بها للمعرضين الذين يظهرون الاستغناء عنها ؛ فهي فقط لمن يعرف كرامتها ويطلب التطهر بها . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّهَا تَذۡكِرَةٞ} (11)

وقوله : ( كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ) أي : هذه السورة ، أو الوصية بالمساواة بين الناس في إبلاغ العلم من{[29695]} شريفهم ووضيعهم .

وقال قتادة والسدي : ( كَلا إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ ) يعني : القرآن ،


[29695]:- (3) في أ: "بين".
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَلَّآ إِنَّهَا تَذۡكِرَةٞ} (11)

{ كلاّ } .

إبطال وقد تقدم ذكر ( كلاّ ) في سورة مريم ( 79 82 ) ، وتقدم قريباً في سورة النبأ ( 4 ، 5 ) ، وهو هنا إبطال لما جرى في الكلام السابق ولو بالمفهوم كما في قوله : { وما يدريك لعله يزكى } [ عبس : 3 ] . ولو بالتعريض أيضاً كما في قوله : { عبس وتولى } [ عبس : 1 ] .

وعلى التفسير الثاني المتقدم ينصرف الإِبطال إلى { عبس وتولى } خاصة .

ويجوز أن يكون تأكيداً لقوله : { وما عليك ألاَّ يزكى } [ عبس : 7 ] على التفسيرين ، أي لا تظن أنك مسؤول عن مكابرته وعناده فقد بلَّغت ما أمرتَ بتبليغه .

{ إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ } .

استئناف بعد حرف الإِبطال ، وهو استئناف بياني لأن ما تقدم من العتاب ثم ما عقبه من الإِبطال يثير في خاطر الرسول صلى الله عليه وسلم الحيرة في كيف يكون العمل في دعوة صناديد قريش إذا لم يتفرغ لهم لئلا ينفروا عن التدبر في القرآن ، أو يثير في نفسه مخافة أن يكون قصَّر في شيء من واجب التبليغ .

وضمير { إنها } عائد إلى الدعوة التي تضمنها قوله : { فأنت له تصدى } [ عبس : 6 ] .

ويجوز أن يَكون المعنى : أن هذه الموعظة تذكرة لك وتنبيه لما غفلت عنه وليست ملاماً وإنما يعاتب الحبيبُ حبيبَه .

ويجوز عندي أن يكون { كلا إنها تذكرة } استئنافاً ابتدائياً موجهاً إلى من كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعوه قُبيل نزول السورة فإنه كان يَعرض القرآن على الوليد بن المغيرة ومَن معه ، وكانوا لا يستجيبون إلى ما دعاهم ولا يصدقون بالبعث ، فتكون ( كلاّ ) إبطالاً لما نَعتوا به القرآن من أنه أساطير الأولين أو نحوِ ذلك .

فيكون ضمير { إنها تذكرة } عائداً إلى الآيات التي قرأها النبي صلى الله عليه وسلم عليهم في ذلك المجلس ثم أعيد عليها الضمير بالتذكير للتنبيه على أن المراد آيات القرآن .

ويؤيد هذا الوجهَ قولُه تعالى عَقبه : { قتل الإنسان ما أكفره } [ عبس : 17 ] الآيات حيث ساق لهم أدلة إثبات البعث .

فكان تأنيث الضمير نكتةً خصوصية لتحميل الكلام هذه المعاني .

والضمير الظاهر في قوله : { ذكره } يجوز أن يعود إلى { تذكرة } لأن مَا صَدْقَها القرآن الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يعرضه على صناديد قريش قُبيل نزول هذه السورة ، أي فمن شاء ذكرَ القرآن وعمل به .

ويجوز أن يكون الضمير عائداً إلى الله تعالى فإن إعادة ضمير الغيبة على الله تعالى دون ذِكر معاده في الكلام كثير في القرآن لأن شؤونه تعالى وأحكامه نزل القرآن لأجلها فهو ملحوظ لكل سامع للقرآن ، أي فمن شاء ذكر الله وتوخّى مرضاته .

والذِكر على كلا الوجهين : الذكر بالقلب ، وهو توخّي الوقوف عند الأمر والنهي .

وتعدية فعل ( ذكر ) إلى ذلك الضمير على الوجهين على حذف مضاف يناسب المقام .

والذي اقتضى الإِتيانَ بالضمير وكونه ضمير مذكر مراعاةُ الفواصل وهي : { تذكرهْ ، مطهرهْ ، سفرهْ ، بررهْ } .