{ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ } أي : مستور عن أعين الخلق ، وهذا الكتاب المكنون هو اللوح المحفوظ أي : إن هذا القرآن مكتوب في اللوح المحفوظ ، معظم عند الله وعند ملائكته في الملأ الأعلى .
ويحتمل أن المراد بالكتاب المكنون ، هو الكتاب الذي بأيدي الملائكة الذين ينزلهم الله بوحيه وتنزيله{[971]} وأن المراد بذلك أنه مستور عن الشياطين ، لا قدرة لهم{[972]} على تغييره ، ولا الزيادة والنقص منه واستراقه .
وقوله : فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ يقول تعالى ذكره : هو في كتاب مصون عند الله لا يمسه شيء من أذى من غبار ولا غيره . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني إسماعيل بن موسى ، قال : أخبرنا شريك ، عن حكيم ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عباس لا يَمَسّهُ إلاّ المُطَهّرُونَ الكتاب الذي في السماء .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ قال : القرآن في كتابه المكنون الذي لا يمسه شيء من تراب ولا غبار .
حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : لا يَمُسّهُ إلا المُطَهّرُونَ زعموا أن الشياطين تنزّلت به على محمد ، فأخبرهم الله أنها لا تقدر على ذلك ، ولا تستطيعه ، وما ينبغي لهم أن ينزلوا بهذا ، وهو محجوب عنهم ، وقرأ قول الله : وَما يَنْبَغِي لَهُمْ وَما يَسْتَطِيعُونَ إنّهُمْ عَنِ السّمْعِ لَمَعْزُولُونَ .
حدثنا ابن حُمَيد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا عبيد الله ، يعني العتكي ، عن جابر بن زيد وأبي نهيك ، في قوله : فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ قال : هو كتاب في السماء .
واختلف المتأولون في قوله تعالى : { في كتاب مكنون } بعد اتفاقهم على أن المكنون : المصون ، فقال ابن عباس ومجاهد : أراد الكتاب الذي في السماء .
وقال عكرمة : أراد التوراة والإنجيل ، كأنه قال : إنه لكتاب كريم ، ذكر كرمه وشرفه { في كتاب مكنون } .
قال القاضي أبو محمد : فمعنى الآية على هذا الاستشهاد بالكتب المنزلة ، وهذا كقوله عز وجل : { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله }{[10934]} [ التوبة : 36 ] . وقال بعض المتأولين : أراد مصاحف المسلمين ، وكانت يوم نزلت الآية لم تكن ، فهي على هذا إخبار بغيب ، وكذلك هو في كتاب مصون إلى يوم القيامة ، ويؤيد هذا لفظة المس ، فإنها تشير إلى المصاحف أو هي استعارة في مس الملائكة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.