الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فِي كِتَٰبٖ مَّكۡنُونٖ} (78)

ثم قال : { في كتاب مكنون } [ 81 ] أي : في كتاب مصون عند الله لا يمسه إلا المطهرون .

قال ابن عباس هو الكتاب الذي في السماء{[67001]} ، قاله{[67002]} الضحاك .

قال{[67003]} ابن زيد زعموا أن الشياطين تنزلت به على محمد صلى الله عليه وسلم{[67004]} .

فأخبرهم الله أنهم لا يستطيعون على ذلك .

قال ابن عباس : إذا أراد الله أن ينزل كتابا نسخته السفرة فلا يمسه إلا المطهرون ، يعني الملائكة ، وهو قول ابن جبير ومجاهد وقتادة والضحاك{[67005]} ، فهو خير وليس بنهي ، وقد يجوز أن يكون إخبارا على الإلزام فيكون فيه معنى النهي{[67006]} كما تقول ( جعل كذا ){[67007]} وكقوله { يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم }{[67008]} .

قال المبرد معناه آمنوا بالله{[67009]} .

وقيل هم حملة التوراة والإنجيل ، قاله عكرمة{[67010]} .

وقال أبو العالية المطهرون الذين طهروا من الذنوب كالملائكة والرسل {[67001]} قال {[67002]} ابن زيد المطهرون : الملائكة والأنبياء والرسل التي تتنزل {[67003]} به من عند الله المطهرة {[67004]} .

وقال قتادة : معناه لا يمسه عند الله إلا المطهرون ، قال وأما عندكم فيمسه المشرك النجس والمنافق الرجس {[67005]} .

وفي حرف ابن مسعود ما يمسه {[67006]} .

وقال مالك بن أنس في قوله عز وجل {[67007]} { لا يمسه إلا المطهرون } [ 82 ] إنما هو بمنزلة قوله : { في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة } {[67008]} فهذا من قول مالك يدل على أنه نفي ليس بنهي يراد به الملائكة {[67009]} .

وقال مسلم {[67010]} : لا يمسه إلا طاهرا ، وسئل عن آية فقال : سلوني فلست أمسه إنما أقرؤه {[11]} ، وكان قد أحدث ولم يتوضأ .

وفي كتاب عمرو {[12]} بن حزم : لا يمس القرآن إلا طاهرا ، وهو الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن {[13]} حزم {[14]} .

وروى مالك أن مصعب بن {[15]} سعد قال كنت أمسك المصحف على سعد بن {[16]} أبي وقاص فاحتككت ، فقال لعلك مسست ذكرك ، فقلت نعم ، فقال فقم فتوضأ {[17]} ، فقمت فتوضأت ثم رجعت ، وروي أنه قال له فقم {[18]} فاغسل {[19]} يديك .

وقال مالك لا يمس {[20]} المصحف أحد بعلاقة أو على وسادة إلا هو طاهر إكراما للقرآن {[21]} .


[11]:في تنوير المقياس 509: "بقوتها وشدتها تقوم بحملها ولا يقوم غيرها".
[12]:أ: قال.
[13]:أ: للقطع.
[14]:انظر: المحرر 16/290.
[15]:- في ق: ح، ع3: تقضيت. وهو تصحيف.
[16]:- في ع2: تأليف. وهو تحريف.
[17]:- في ع2: ظهار. وهو تحريف.
[18]:- في ع2، ق، ع3: ناذر. وهو تصحيف.
[19]:- في ح: تصريف.
[20]:- في ع2، ق: ما.
[21]:- في ق: بروايته. وهو تحريف.
[67001]:انظر: جامع البيان 27/118، وتفسير القرطبي 17/224.
[67002]:ع: "وقال".
[67003]:ع: "وقال".
[67004]:ساقط من ع.
[67005]:انظر: تفسير مجاهد 646، وجامع البيان 27/118، وابن كثير 4/299، والدر المنثور 8/26.
[67006]:ح: "المنهي".
[67007]:ع: "ففعل كذا وكذا".
[67008]:الصف : 10.
[67009]:ساقط من ع، ولم أجد إشارة إلى ذلك في الكامل.
[67010]:انظر: جامع البيان 27/118، والدر المنثور 8/26.