{ اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً } . وذلك أنهم نقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم بأكلة أطعمهم إياها أبو سفيان ، قال مجاهد : أطعم أبو سفيان حلفاءه .
قوله تعالى : { فصدوا عن سبيله } . فمنعوا الناس من الدخول في دين الله . وقال ابن عباس رضي الله عنه : وذلك إن أهل الطائف أمدوهم بالأموال سيقووهم على حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، { إنهم ساء } . بئس { ما كانوا يعملون } .
( اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
وهذا هو السبب الأصيل لهذا الحقد الدفين عليكم ، وإضمار عدم الوفاء بعهودكم ، والانطلاق في التنكيل بكم - لو قدروا - من كل تحرج ومن كل تذمم . . إنه الفسوق عن دين الله ، والخروج عن هداه ، فلقد آثروا على آيات الله التي جاءتهم ثمنا قليلا من عرض هذه الحياة الدنيا يستمسكون به ويخافون فوته . وقد كانوا يخافون أن يضيع عليهم الإسلام شيئا من مصالحهم ؛ أو أن يكلفهم شيئا من أموالهم ! فصدوا عن سبيل الله بسبب شرائهم هذا الثمن القليل بآيات الله . صدوا أنفسهم وصدوا غيرهم [ فسيجيء أنهم أئمة الكفر ] . . أما فعلهم هذا فهو الفعل السيء الذي يقرر الله سوءه الأصيل :
( إنهم ساء ما كانوا يعملون ! ) . .
ثم إنهم لا يضمرون هذا الحقد لأشخاصكم ؛ ولا يتبعون تلك الخطة المنكرة معكم بذواتكم . . إنهم يضطغنون الحقد لكل مؤمن ؛ ويتبعون هذا المنكر مع كل مسلم . . إنهم يوجهون حقدهم وانتقامهم لهذه الصفة التي أنتم عليها . . للإيمان ذاته . . كما هو المعهود في كل أعداء الصفوة الخالصة من أهل هذا الدين ، على مدار التاريخ والقرون . . فكذلك قال السحرة لفرعون وهو يتوعدهم بأشد أنواع التعذيب والتنكيل والتقتيل : ( وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا ) . . وكذلك قال رسول الله [ ص ] لأهل الكتاب بتوجيه من ربه : ( قل : يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله ? )وقال سبحانه عن أصحاب الأخدود الذين أحرقوا المؤمنين : ( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد ) . فالإيمان هو سبب النقمة ، ومن ثم هم يضطغنون الحقد لكل مؤمن ، ولا يراعون فيه عهدا ولا يتذممون من منكر :
القول في تأويل قوله تعالى : { اشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ اللّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } .
يقول جلّ ثناؤه : ابتاع هؤلاء المشركون الذين أمركم الله أيها المؤمنون بقتلهم حيث وجدتموهم بتركهم اتباع ما احتجّ الله به عليهم من حججه يسيرا من العوض قليلاً من عرض الدنيا وذلك أنهم فيما ذكر عنهم كانوا نقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم بأكلة أطعمهموها أبو سفيان بن حرب .
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قوله : اشْتَرُوا بآياتِ اللّهِ ثَمَنا قَلِيلاً قال : أبو سفيان بن حرب أطعم حلفاءه ، وترك حلفاء محمد صلى الله عليه وسلم .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله . وأما قوله : فَصَدّوا عَنْ سَبِيلِهِ فإن معناه : فمنعوا الناس من الدخول في الإسلام ، وحاولوا ردّ المسلمين عن دينهم . إنّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْلَمُونَ يقول جلّ ثناؤه : إن هؤلاء المشركين الذين وصفت صفاتهم ، ساء عملهم الذي كانوا يعملون من اشترائهم الكفر بالإيمان والضلالة بالهدى ، وصدّهم عن سبيل الله من آمن بالله ورسوله أو من أراد أن يؤمن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.