{ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ } أي : معلمة ، على كل حجر منها سمة صاحبه{[850]} لأنهم أسرفوا ، وتجاوزوا الحد ، فجعل إبراهيم يجادلهم في قوم لوط ، لعل الله يدفع عنهم العذاب ، فقال الله :
{ يَا إِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ }
{ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ } أى : معلمة عند الله - تعالى - وفى علمه ، وقد أعدها - سبحانه - لرجم هؤلاء الذين أسرفوا فى عصيانهم له - تعالى - وأتوا بفاحشة لم يسبقهم إليها أحد من العاملين فقوله : { مُّسَوَّمَةً } حال من الحجارة ، والسُّومة : العلامة . ومنه قوله - تعالى - : { والخيل المسومة }
{ لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ مُسَوَّمَةً } أي : معلمة { عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ } أي : مكتتبة عنده بأسمائهم ، كل حجر عليه اسم صاحبه ، فقال في سورة العنكبوت : { قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا قَالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ } [ العنكبوت : 32 ] .
لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ يقول : لنمطر عليهم من السماء حجارة من طين مُسَوّمةً يعني : معلّمة . كما :
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : مُسَوّمَةً عِنْدَ رَبّكَ للمُسْرِفِينَ قال : المسوّمة : الحجارة المختومة ، يكون الحجر أبيض فيه نقطة سوداء ، أو يكون الحجر أسود فيه نقطة بيضاء ، فذلك تسويمها عند ربك يا إبراهيم للمسرفين ، يعني للمتعدّين حدود الله ، الكافرين به من قوم لوط فأَخرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ المُؤْمِنِينَ يقول تعالى ذكره : فأخرجنا من كان في قرية سدوم ، قرية قوم لوط من أهل الإيمان بالله وهم لوط وابنتاه ، وكنى عن القرية بقوله : مَنْ كانَ فِيها ولم يجر لها ذلك قبل ذلك .
و : { مسومة } نعت ل { حجارة } ، وقيل معناه متروكة وسومها من الإهلاك والأنصباب . وقيل معناه : معلمة بعلامتها من السيما والسومى{[10607]} وهي العلامة ، أي إنها ليست من حجارة الدنيا ، وقال الزهراوي والرماني ، وقيل معناه : على حجر اسم المضروب به . وقال الرماني وقيل كان عليها أمثال الخواتم . وقال ابن عباس : تسويمها إن كان في الحجارة السود نقط بيض وفي البيض سود . ويحتمل أن يكون المعنى : أنها بجملتها معلومة عند ربك لهذا المعنى معلمة له . لا أن كل واحد منها له علامة خاصة به . والمسرف : الذي يتعدى الطور ، فإذا جاء مطابقاً فهو لأبعد الغايات الكفر فما دونه .
المُسَوّمة : التي عليها السُّومة أي العلامة ، أي عليها علامات من ألوان تدل على أنها ليست من الحجارة المتعارفة .
ومعنى { عند ربك } أن علاماتها بخلق الله وتكوينه .
والمسرفون : المفرطون في العصيان ، وذلك بكفرهم وشيوع الفاحشة فيهم ، فالمسرفون : القوم المجرمون ، عدل عن ضميرهم إلى الوصف الظاهر ، لتسجيل إفراطهم في الإِجرام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.