اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلۡمُسۡرِفِينَ} (34)

قوله : «مُسَوَّمَةً » فيه ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه منصوب على النَّعت لِحَجَارةٍ .

الثاني : أنه حال من الضمير المستكنِّ في الجارِّ قبله{[52888]} .

الثالث : أنه حال من «حجارة » ، وحسَّنَ ذلك كونُ النكرة وُصِفَتْ بالجارِّ بعدها .

ومعنى مسومة قيل : على كل حجر منها اسم صاحبه . وقيل : خلقت وأعدت لتعذيبهم . وقيل : مُرْسَلَة للمجرمين ؛ لأن الإرسال يقال في التسويم ، يقال أرسلها لِتَرْعَى ، كما قيل في الخيل المُسَوَّمَةِ أي مستغنى عنها{[52889]} .

قوله : «عِنْد رَبِّكَ » ظرف «لمُسومَةٍ »{[52890]} أي معلَّمة عنده «والمُسْرِفُ » المتمادي ولو في الصغائر فهم مجرمُون مُسْرفُونَ .

وهنا لطيفة وهي أن الحجارة سُومِّتْ للمسرف المُصِرّ الذي لا يترك الذنب في المستقبل وذلك إنما يعلمه الله تعالى ، فلذلك قال : { عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ } ولما كان الإجرام ظاهراً قالوا : { إِنَّا أُرْسِلْنَا إلى قَوْمٍ مُّجْرِمِينَ } واللام في «المسرفين » لتعريف العهد ، أي لِهؤلاء المسرفين ؛ إذ ليس لكل مسرف حجارة مسوَّمة .

وإسرافهم بأنهم أتوا بما لم يَسْبِقْهم به أحدٌ من العَالَمِين{[52891]} .


[52888]:قال بهذين الوجهين العُكبَريّ في التبيان 1181.
[52889]:الرازي السابق.
[52890]:التبيان السابق.
[52891]:بالمعنى من تفسير الإمام 28/218 السابق.