{ وَكَذَلِكَ } أي : هذا الجزاء { نَجْزِي } ه { مَنْ أَسْرَفَ } بأن تعدى الحدود ، وارتكب المحارم وجاوز ما أذن له { وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ } الدالة على جميع مطالب الإيمان دلالة واضحة صريحة ، فالله لم يظلمه ولم يضع العقوبة في غير محلها ، وإنما السبب إسرافه وعدم إيمانه .
{ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ } من عذاب الدنيا أضعافا مضاعفة { وَأَبْقَى } لكونه لا ينقطع ، بخلاف عذاب الدنيا فإنه منقطع ، فالواجب الخوف والحذر من عذاب الآخرة .
ثم ساق - سبحانه - سنة من سننه التى لا تختلف فقال : { وكذلك نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الآخرة أَشَدُّ وأبقى } .
أى : ومثل ذلك الجزاء الأليم الذى أنزلناه بهؤلاء المعرضين عن ذكرنا نجازى كل من أسرف فى ارتكاب السيئات والموبقات ، وكل من لم يؤمن بآيات ربه بل كذب بها وأعرض عنها ، لعذاب الآخرة اشد من عذاب الدنيا ، و { وأبقى } منه أى : وأكثر بقاء ، وأطول زمانا من عذاب الدنيا .
( وكذلك نجزي من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه . ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ) !
ولقد أسرف من أعرض عن ذكر ربه . أسرف فألقى بالهدى من بين يديه وهو أنفس ثراء وذخر ، وأسرف في إنفاق بصره في غير ما خلق له فلم يبصر من آيات الله شيئا . فلا جرم يعيش معيشة ضنكا ! ويحشر في يوم القيامة أعمى !
اتساق في التعبير . واتساق في التصوير . . هبوط من الجنة وشقاء وضلال ، يقابله عودة إلى الجنة ونجوة من الشقاء والضلال . وفسحة في الحياة يقابلها الضنك ، وهداية يقابلها العمى . . ويجيء هذا تعقيبا على قصة آدم - وهي قصة البشرية جميعا - فيبدأ الاستعراض في الجنة ، وينتهي في الجنة ، كما مر في سورة الأعراف ، مع الاختلاف في الصور الداخلة في الاستعراض هنا وهناك حسب اختلاف السياق . .
{ وكذلك نجزي من أشرف } بالإنهماك في الشهوات والإعراض عن الآيات . { ولم يؤمن بآيات ربه } بل كذب بها وخالفها . { ولعذاب الآخرة } وهو الحشر على العمى ، وقيل عذاب النار أي وللنار بعد ذلك . { أشد وأبقى } من ضنك العيش أو منه ومن العمى ، ولعله إذا دخل النار زال عماه ليرى محله وحاله أو مما فعله من ترك الآيات والكفر بها .
المعنى وكما وصفنا من أليم الأفعال { نجزي } المسرفين الكفار بالله عز وجل ، وقوله { ولعذاب الآخرة } إن كانت معيشة الضنك في الدنيا أو البرزخ فجاء هذا وعيداً في الآخرة بعد وعيد ، وإن كانت المعيشة [ الضنك ]{[8175]} في الآخرة فأكد الوعيد بعينه هذا القول ، الذي جعل به عذاب الآخرة فوق كل عذاب يتخيله الإنسان أو يقع في الدنيا ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.