فإن في النظر في هذه الأشياء { تَبْصِرَةً } يتبصر بها ، من عمى الجهل ، { وَذِكْرَى } يتذكر بها ، ما ينفع في الدين والدنيا ، ويتذكر بها ما أخبر الله به ، وأخبرت به رسله ، وليس ذلك لكل أحد ، بل { لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ } إلى الله أي : مقبل عليه بالحب والخوف والرجاء ، وإجابة داعيه ، وأما المكذب والمعرض ، فما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون .
وحاصل هذا ، أن ما فيها من الخلق الباهر ، والشدة والقوة ، دليل على كمال قدرة الله تعالى ، وما فيها من الحسن والإتقان ، وبديع الصنعة ، وبديع الخلقة{[816]} دليل على أن الله أحكم الحاكمين ، وأنه بكل شيء عليم ، وما فيها من المنافع والمصالح للعباد ، دليل على رحمة الله ، التي وسعت كل شيء ، وجوده ، الذي عم كل حي ، وما فيها من عظم الخلقة ، وبديع النظام ، دليل على أن الله تعالى ، هو الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدًا ، ولم يكن له كفوًا أحد ، وأنه الذي لا تنبغي العبادة ، والذل [ والحب ] إلا له تعالى .
وقوله : { والنخل } معطوف على { جَنَّاتٍ } ، و { بَاسِقَاتٍ } حال من النخل . ومعنى " باسقات " مرتفات ، من البسوق بمعنى الارتفاع والعلو . يقال : بسق فلان على أصحابه - من باب دخل - إذا فاقهم وزاد عليهم فى الفضل .
والنخل : اسم جنس يذكر ويؤنث ويجمع . وخص بالذكر مع أنه من جملة ما اشتملت عليه الجنات ، لمزيد فضله وكثرة منافعه .
وجملة { لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ } فى محل نصب على الحال من النخل .
والطلع : أول ما يخرج من ثمر الخل . ويسمى الكُفُرَّى . يقال : طلع الطلع طلوعا . إذا كان فى أول ظهوره .
والنضيد : بمعنى المنضود ، أى : المتراكب بعضه فوق بعض مأخوذ من نضد فلان المتاع ينضده ، إذا رتبه ترتيبا حسنا .
أى : وأنبتنا - أيضا - فى الأرض بعد إنزالنا الماء عليها من السحاب ، النخل الطوال ، الزاخر بالثمار الكثيرة التى ترتب بعضها على بعض بطريقة جميلة . .
و : { باسقات } معناه : طويلات ذاهبات في السماء ، ومنه قول ابن نوفل في ابن هبيرة : [ مجزوء الكامل مرفّل ]
يا ابن الذين لمجدهم . . . بسقت على قيس فزارهْ{[10520]}
وروى قطبة بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ : «باصقات » بالصاد{[10521]} ، قال أبو الفتح الأصل : السين وإنما الصاد بدل منه ، لاستعلاء القاف . و «الطلع » أول ظهور التمر في الكفرى{[10522]} وهو أبيض منضد كحب الرمان . فما دام ملتصقاً بعضه ببعض فهو { نضيد } ، فإذا خرج من الكفرى تفرق فليس بنضيد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.